أرسلت الشمس خيوطها الدقيقة من خلال سحب الضباب الرقيقة. وظهرت في الوقت ذاته ثلاث طائرات استطلاع قامت بالتحليق فوق رؤوس المجاهدين مرات متتالية، ويظهر أنها اكتشفت وجود بعض المجاهدين فأرسلت الشهب الدخانية نحوهم، موجهة بذلك رتل القوات الاستعمارية الذي كان يمعن في توغله مهتديا بتوجيه الطائرات له.
حافظ المجاهدون على هدوئهم، ومكثوا في صمت تام ينتظرون الأمر بإطلاق النار. هذا فيما كانت قوات الإفرنسيين تتابع تقدمها نحو المجاهدين بحذر كبير حتى إذا لم يبق من مسافة تفصل بين المجاهدين وأعدائهم تزيد على عشرات الأمتار، صدر الأمر بفتح النار، وانطلقت النار دفعة واحدة من كل الأسلحة، وبوغت العدو بكثافة النار العالية الموجهة إليه، فبدأ بالتقهقر إلى الوراء تاركا فوق أرض المعركة عددا من القتلى والجرحى.
وكان المجاهدون يتوقعون أن يعود العدو للهجوم بعد أن يعيد تنظيم قواته، غير أنه ذهب بعيدا في انسحابه، فأدرك المجاهدون على الفور بأن العدو يريد من انسحابه إفساح المجال أمام مدفعيته لتدمير قوة المجاهدين، بعد أن تأكد أن خسائره ستكون كبيرة إذا ما عاد إلى الهجوم وذلك بفضل الأسلحة الحديثة التي ظهرت مع المجاهدين، والتي لم يكن العدو يتوقع وجودها معهم. وهكذا، وبينما كانت قوات الافرنسيين تسرع في انسحابها، كان المجاهدون يسرعون بدورهم أيضا لتبديل مواقعهم. ولم تمض أكثر من دقائق قليلة حتى شرعت المدفعية فعلا في قصف المواقع التي كان يحتلها المجاهدون قبل قليل. ثم عادت القوات الافرنسية الى التقدم والزحف من جديد تحت حماية المدفعية، حتى كادت تقتحم على