ومن المعارك التي تجدر الإشارة إليها - في هذا المجال - معركة جبل (بوزيد) التي وقعت في يوم ١٢/ ١٢ / ١٩٥٩.ففي فجر هذا اليوم، أفاقت قوة من مجاهدي جيش التحرير كانت تقيم في (جبل بوزيد) وقد أقبل إليها المواطنون ينذرونها بتقدم قوات افرنسية كبيرة نحو الجبل. وأسرع المجاهدون فاحتلوا مواقعهم الحصينة ومراكزهم المموهة باتقان ورابطوا هناك وهم على استعداد كامل لإبادة قوات العدو التي قد تقترب من مواقعهم، غير أن القوات الافرنسية كانت تتحرك بحذر فلم تتوغل كثيرا في تقدمها ولم تقترب من مواقع المجاهدين الذين مكثوا ينتظرون طوال اليوم وقد أتعبهم الانتظار بأكثر مما تتعبهم المعارك والاشتباكات، ومع اقتراب المساء، تم توزيع قوة المجاهدين، وتقسيمها إلى زمر صغيرة مهمتها نصب الكمائن لقوات العدو. وهنا أيضا أفاد المجاهدون من ظلمة الليل ومن معرفتهم لشعاب الجبال ودروبها؛ فمضوا نحو أهدافهم. وتوجه الفوج الأول على المسالك الوعرة المؤدية الى الطريق العام من جانب مستور (خفي) لا يتوقعه العدو. وأمكن لهذا الفوج أن يباغت دورية افرنسية كانت على جانب الطريق ولم تشعر باقتراب المجاهدين من خلفها إلا عندما فتح المجاهدون نيرانهم وقذفوا قنابلهم اليدوية. وعندما حاول بعض أفراد الدورية الفرار، طاردتهم نيران المسدسات الرشاشة واستولى المجاهدون على أسلحة الدورية التي أبيد أفرادها، وانسحبوا آمنين.
أعقب ذلك اشتباك آخر، في ناحية تغطيها الصخور المنيعة التي احتمى بها المجاهدون وراحوا يوجهون إلى العدو نيرانهم الكثيفة من أسلحتهم الحديثة، وأفاد المجاهدون من وجود العدو في منطقة مكشوفة، فأوقعوا به خسائر فادمحة لا تقل عن خمسين قتيلا