الخطوط الحديدية، وإغارات الفدائيين الرائعة والمثيرة، باتت تجتاح جميع المناطق التي طبق فيها (برنامج شال). بل إن الاشتباكات والكمائن والمعارك لم تعد محجوزة في حدود المناطق الجبلية البعيدة عن العمران، بل إنها صارت تقتحم أبواب المدن الكبرى، وتمتد الى سهول متيجة (متوجة) وإلى ضواحي العاصمة (الجزائر).
هذا بالإضافة إلى العمليات الكبرى التي تصطدم بها الفرق الافرنسية في الجبال، وبالإضافة أيضا إلى ما كان يقوم به الفدائيون داخل المدن الكبرى - بما فيها العاصمة ذاتها -من مضاعفة لنشاطاتهم، وزيادة في حجم عملياتهم وعددها. وقد اعترفت المصادر الإفرنسية ذاتها بهذا النشاط العسكري الكثيف، ونشرت وكالات الأنباء الأجنبية تفاصيل وقائعه. وكان ذلك اعترافا رسميا بفشل (برنامج شال) الذي علقت عليه القيادة الافرنسية أكبر الآمال في القضاء على الثورة، حتى أن الجنرال (ديغول) نفسه، اعتز به، فكان أن وجه في افريل -نيسان - ١٩٥٩ رسالة الى (شال) يهنئه فيها على نجاح المرحلة الأولى من برنامجه في تهدئة (جبال الونشريس). والراقع أن الجنرال (شال) جاء بأسلوب جديد، وغير تكتيكي معروف، لكنه لم يتمكن من التغلب على المصاعب التي كانت تواجه أسلافه وما انفكت تواجهه، لقد كانت الوضعية قبل (برنامج شال) تتمثل في اللوحة التالية:
كانت الوحدات الكبرى من جيش التحرير الوطني متجمعة في مناطق محصنة، وكان الجيش الافرنسي موزعا على مراكز الكادرياج - المربعات - أما شال فقد أراد تجميع قوات افرنسية ضخمة ليضرب بها مراكز جيش التحرير الوطني ويقضي عليها،