للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنه لم يحسب حسابا للسرعة التي يتكيف بها جيش التحرير مع المواقف المستجدة على ساحة الصراع. وكانت النتيجة أن أصبحت القوات الافرنسية متجمعة في جهات معينة بعد أن جلت عن مناطق شاسعة، وأصبح جيش التحرير الوطني منتشرا على شكل فرق صغيرة حتى يسهل عليها الاختفاء من جهة، ويسهل عليها في الوقت نفسه مهاجمة المراكز المنزلة، وتوجيه الضربات الخاطفة الى الدوريات والقوافل الافرنسية.

وهكذا انعكست الوضعية، فأصبح الجيش الافرنسي هو المتجمع في وحدات ضخمة، وجيش التحرير هو المتوزع في كل مكان، مع فارق أساسي، وهو أن جيوش الاحتلال المتجمعة تجد نفسها أمام ثلاثة أعداء الأرض والمكان وجيش التحرير، بينما يجد جيش التحرير، أينما اتجه، وحيثما حل، تأييدا حارا من المواطنين، ودعما حقيقيا وفعالا باستمرار. وقد اعترف (الجنرال -ديكورنو) المشرف على تنفيذ عمليات (الأحجار الكريمة) في الشمال القسنطيني، بهذه الحقيقة، فقال: (إن مكان هذه المناطق صورة عن الأرض التي يقيمون عليها: إنهم شديدو المراس، غلاظ الطباع، غير متشربين لأفكار فرنسا. لقد كنا في الأوراس نواجه عدوين: الجبال الصعبة والغابات، وكنا في بلاد القبائل نواجه عدوين أيضا وهما: الجبال الصعبة والسكان أما هنا فإننا نواجه ثلاثة أعداء في آن واحد: الجبال الصعبة والغابات والسكان).

لقد تطورت أساليب جيش التحرير بسرعة مذهلة، وهو مما ضاعف من عوامل الفشل العسكري الافرنسي، فما أن اصطدم جيش التحرير بالتكتيك الافرنسي الجديد في ناحية (الونشريس) الواقعة في الولاية الخامسة حتى أسرعت قيادة الولاية الخامسة بإعلام

<<  <  ج: ص:  >  >>