السجن بطريقة قذرة. كما ظهررت قضايا التعذيب (جميلة بوحيرد) فثار الرأي العام العربي - الإسلامي والعالمي، وتعاظمت موجة السخط والاحتجاج. وقد وقعت عمليات مماثلة في كافة المدن الجزائرية، مما أفقد الثورة كثيرا من إطاراتها النشيطة، وأضعف الحركة الفدائية في المدن. واضطر الأحياء من أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ إلى مغادرة الوطن، بعد أن كانوا قد جعلوا من العاصمة (الجزائر) مقرا لهم.
أما الخطر الثاني، فيتجسم في تلك الفتنة التي أثارها عميل فرنسا (بن لونيس) والذي جمع حوله بعض البسطاء المغرورين، وقد شغلت هذه الفتنة جانبا غير قليل من جهود جيش التحرير الوطني. وذهب ضحيتها كثير من الشهداء إلى أن أمكن القضاء عليها (في نيسان - إبريل - ١٩٥٨) بعد إعدام رأس الحركة والتحاق جنوده بمجاهدي جيش التحرير الوطني. وقد أمكن التغلب على كل هذه الصعوبات بفضل التنظيم المحكم للثورة، والكفاءة العالية في سرعة تبديل الخطط حتى تتكيف مع أساليب العدو المتبدلة، ومع ظروف الصراع المتحولة. كما أن التفاف الشعب حول الثورة ودعمه لها، قد ضمن لها الحماية من كل خطر.
رافق ذلك تطور على مستوى القيادة، فقد اجتمع المجلس الوطني للثورة الجزائرية في دورته الثانية من (٢٠) إلى (٢٨) آب - أغسطس - ١٩٥٧ في القاهرة. وغيرت لجنة التنسيق والتنفيذ، ووسع نطاقها، فأصبحت تضم (٧) أعضاء نشرت أسماؤهم للمرة الأولى كما أصبح المجلس الوطني يضم (٥٤) عضوا. واتخذ عدة مقررات سياسية هامة، ففوض بالخصوص جزءا من سلطته إلى لجنة التنسيق والتنفيذ. وفي السنة التالية تقرر تشكيل الحكومة