للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أول ما لمسوا فشلهم أن المسألة هي مسألة زيادة في عدد الجنود والعتاد، فتواردت الإمدادات الضخمة والأجهزة الحربية العصرية على الجزائر، طوال أربع سنوات، ولكن من غير فائدة ولا جدوى. وقد اعترفت مجلة (الدفاع الوطني الفرنسي) في عدد لها: (بأن البارود لم يكن كافيا للقضاء على جيش التحرير الوطني). وبعد هذا الفشل، توهم بعض قادة الجيش وأجهزته (إطاراته) أن الفشل يرجع فقط إلى أسلوب الحرب لا إلى طبيعتها، والذي عزز هذا الشعور عند أولئك الضباط هو تجربتهم في الهند الصينية: فقد شاهدوا هناك كيف انهزم الجيش الفرنسي هزيمة نكراء، لكنهم عوض أن يستخلصوا العبرة من تلك الهزيمة، وعوض أن يفهموا أن هزيمتهم كانت أمرا حتميا يقتضيه التطور الطبيعي للشعوب، ويفرضه منطق الأشياء وطبيعتها، وعوض أن يبنوا على أساس هذا الفهم سلوكهم في الجزائر عوض ذلك كله، توهموا أن انتصار شعب الهند الصينية، إنما يرجع إلى أساليب الحرب الثورية. والدعاية النفسية التي طبقها (هوشي مينه) بعد أن اقتبسها من (ماوتسي تونغ). وبنوا على هذا الوهم أنهم لو طبقوا بدورهم ذلك الأسلوب، لكانوا قد نجحوا في الهند الصينية. وأن تطبيقه في الجزائر سيمكنهم من الانتصار على الثورة. وكان أصحاب هذه النظرية هم الذين مهدوا فيما بعد لانقلاب ٢٣ - أيار - مايو - وهم الذين نظموا مظاهرات التآخي، وعمليات رفع الحجاب، وهم الذين تزعموا دعوة دمج الجزائر بفرنسا الخ ....

وظنوا أن هذه السلسلة فن العمليات (النفسية) هي التي ستقضي على الثورة، وتمكنهم من الانتصار بالجزائر، إلا أن عدم تصور العسكريين الفرنسيين لمجموع العوامل التي أدت الى انتصار

<<  <  ج: ص:  >  >>