لزاما عليهما التوجه إلى (كاب - بينيد). ونظرت إليهما وهما يبتعدان وسط الظلمة وأنا أفكر بأنه من المحتمل ألا يكتب لي رؤيتهما مرة ثانية. وأصابتني رعدة وقشعريرة عندما راودتني هذه الفكرة. واتجهت إلى عربتي - سيارتي - ووضعت مفتاح التماس - كونتاك - في موضعه. وانطلقت بالعربة مسافة لا تتجاوز ثلاثمائة متر أو حتى أربعمائة متر، وهنا وقع عطل مباغت قبل أن أصل إلى الطريق العام. ولم أحاول معرفة سبب العطل أو أجرب إصلاحه. فوضعت العربة إلى جانب الطريق، وتابعت طريقي سيرا على الأقدام حتى وصلت الطريق العام - الرئيسي -. وهنا، وأثناء سيري، عاودني الشعور بثقل الحرارة الخارجية، فالمناخ لم يعتدل في الليل عما كان عليه أمر القيظ الشديد في النهار، بل إن ما حدث هو القيض تماما، فقد شعرت بالحرارة تتزايد وطأة، وبالمناخ يتزايد ثقلا، وكان ذلك أمرا طبيعيا بعد أن أخذ نطاق النيران يحيط بمدينة (مرسيليا) من كل اتجاه.
مضت ربع ساعة وأنا أركض خببا، وأشارت عقارب الساعة إلى الحادية عشرة ليلا (٢٣،٠٠) ولا زالت حافلات النقل العامة (الباصات) التي تصل إلى الضواحي مستمرة في عملها الآن. وجلست على قارعة الطريق وأنا أنتظر وصول الحافلة بصبر نافذ، مستغرقا في تفكيري بعملية (موريبيان). ولا أدري بدقة السبب الذي حملني على الاهتمام بتدمير هذا المستودع الضخم من مستودعات الوقود، أكثر من كل العمليات الأخرى التي سيتم تنفيذها في هذه الليلة.
لقد استأثر هذا الهدف بأكبر قسط من اهتمامي، واستحوذ على أكبر قدر من وقني، خلال مرحلة التحضير للعملية، فعملت على