سرعان ما أعلمني بأن صحافة الصباح لم تحمل على صفحاتها أي نبأ هام يتعلق بالعملية. واكتفيت بهذا الوجيز من الأخبار، وأرسلت (ناديا) لإعداد شيء من الطعام. وبعد الإفطار، تعجلت بمغادرة الشقة حتى أرى على الطبيعة نتائج العملية التي نفذت في الليل.
كان الشارع يضيق بسابلته وعابريه، خلافا لما هو معهود، حيث كان المارة يتحلقون، وأجهزة الالتقاط الإذاعية - الترانزيسور - تتأرجح على سواعدهم. لم يكن سلوك الناس عاديا هذا اليوم أو طبيعيا: فالضيق والقلق يرتسم على تصرفاتهم وتعابيرهم، بعضهم حزين، وبعضهم متصلب مشدود الأعصاب بقسوة، وجميعهم في هياج. اشتريت صحيفة على كل حال، ونبأ صغير يبرز على الصفحة الأولى يصور ما حدث عند آخر دقيقة قبل صدور الصحيفة وإلى جواره صور العارضات الجميلات لأزياء فصل الشتاء سنة (١٩٥٨ - ١٩٥٩). وهي تمثل آخر صرعات الثياب (المودة). ولم يكن في الصحيفة ما يجيب بصورة كافية على التساؤلات التي كان يتناقلها أهل مرسيليا) في موضوع الحرائق والانفجارات التي هزت المدينة ولهذا لم يكن هناك من يعرف ما حدث بدقة، فتوجه اهتمام الناس إلى أجهزة الالتقاط الصغيرة (الترايزيستور). غير أن محطات البث - الإذاعة - لم تكن تذيع غير النداءات التي كانت تطلب إلى السكان الالتزام (بالهدوء) ما بين فترة وأخرى، مع التزام الصمت التام تجاه ما حدث، ولم يكن ذلك كافيا لإرواء تعطش الأهلين لمعرفة الحقيقة. بل إن الأمر على النقيض من ذلك، فقد واجه رجل الشارع ما هو أسوأ، إذ باتت رياح الرعب هي المهيمنة على المدينة وسكانها.
كانت ملامح وجهي وتكويني تتشابه مع الأوروبيين، وكانت أوراق