إثبات شخصيتي المزورة (الهوية) تحمل اسم (ديدييه - جان - لويس) وكان ذلك يسهل مروري من نقاط المراقبة التي أقامها رجمال الشرطة , ولم أكن أشعر بالخوف أو القلق من الاشتراك مع الجمهور في مناقشة رجال الشرطة بشأن ما حدث. وكان هؤلاء يعترضون كل شخص أسمر اللون تحمل ملامحه طابع الإنسان العربي في الشمال الافريقي، ويطلبون أوراق إثبات الشخصية لاعتقال كل (مسلم فرنسي؟). وقد رأيتهم بعيني وهم يعتقلون إخواني الجزاريين، ويعاملونهم بقوة وهم يدفعونهم لركوب الشاحنات الكبيرة (سيارات النقل العسكرية). وقلت في نفسي: لا بأس، فكلما زاد الضغط والظلم، كلما زادت جبهة التحرير الوطني قوة، وتعاظمت قدرة وعددا.
كان هناك حشد كبير من الناس الذين تجمعوا عند موقف حافلات النقل في (كانوبيير) وصعدت أول حافلة (باص) تتجه نحو الغرب. وكان الطريق إلى الميناء مغلقا بنطاق من رجال الشرطة، الذين حولوا خط سير الحافلات نحو الشمال - الغربي. ونزلت عند أول موقف. وتوغلت في الشارع الذي ينتهي بساحة تطل على الميناء. واختلطت بالجموع التي كانت تتدافع بالمناكب لرؤية ما كان يحدث في الجهة المقابلة. وعلمت أنه حدثت انفجارات جديدة في هذا الصباح. وعلى كل حال، فقد كانت ألسنة اللهيب تتصاعد عاليا لأكثر من مائتي متر أو حتى ثلاثمائة متر، حتى أنها كانت تظهر واضحة من على بعد كيلومترات عديدة. وقد تم إخلاء المساكن المحيطة بالمنطقة كلها، وأرغم عشرات الآلاف من سكان مرسيليا على الجلاء عن المنطقة المعرضة لخطر الانفجارات. وأوقفت كافة المعامل القريبة من المنطقة إنتاجها، وصرفت عمالها.