جلس أربعة من الأسرى الفرنسيين، والتهمة الموجهة إليهم هي قتل الأبرياء من أهل الجزائر، واستخدام أساليب وحشية في تعذيب المواطنين الجزائريين، وتدمير البيوت وسفك الدماء بلا سبب ولا دافع إلا التنكيل والارهاب. وقبل أن تبدأ المحاكمة، سأل الضابط الجزائري الذي يرأس المحكمة، الأسرى عن طلباتهم، فطلب بعضهم قهوة، وبعضهم لفافات تبغ (سكائر). فأجيبت طلباتهم فورا وأمر الضابط الجزائري بتغيير ثيابهم الممزقة بثياب جديدة من ملابس جيش التحرير الوطني، وكان حذاء أحد الأسرى الفرنسيين باليا بشكل واضح، فأعطوه بدلا منه حذاء جديدا. وأكثر من هذا، ففي أثناء الطريق، لم يقو (جاكوب) وهو أحد الأسرى الأربعة على السير في الطريق الصاعد إلى واحد من الجبال المرتفعة، فساعده جنديان من جيش التحرير حتى كادا أن يحملاه حملا لمعاونته.
أقبل الرائد - الكومندان - (سي موسى) على الأسرى الأربعة يسألهم عن نوع الطعام الذي يفضلونه، فردوا عليه في صوت واحد، وهم لا يصدقون أنفسهم:(أي شيء تسمحون به!). وعاد بعض المجاهدين من جيش التحرير وهم يحملون معهم (خبز - عيش - فينو، ولحم مقلي، وجبنة نستله، وبرتقال) فاختطفها الأسرى، وجلسوا يأكلون بشراهة، وينظر بعضهم إلى بعض، وإلى الطعام، وإلى المجاهدين المحيطين بهم، وهم لا يصدقون أنهم أحياء، وأن هذه المعاملة قد صدرت عن الجزائريين الذين تسومهم فرنسا سوء العذاب. وبعد أن انتهى الأسرى من طعامهم، ودخنوا لفافات التبغ (السكائر) التي قدمت لهم، دعوا إلى فناء واسع، وضعت في وسطه طاولة، وحولها كراسي لأعضاء المحكمة العسكرية ولهم. وبوغت الأسرى الفرنسيون بدعوة قائد المعسكر