للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم بالجلوس. وكانت مباغتتهم أكبر، عندما أخذ رئيس المحكمة يوجه إليهم الأسئلة بطريقة مؤدبة، وبكلمات مهذبة غير نابية، وكانت إجاباتهم تسجل كما هي - بدقة وأمانة وأمام عيونهم.

كان الأسرى طوال الوقت يتبادلون النظرات المتسائلة عن هذه المعاملة الإنسانية، حتى أن واحدا منهم سأل رئيس المحكمة: هل ستتركونا أحياء ولن تقتلونا؟ فرد الضابط الجزائري: (إن ذبح الأسرى وتعذيبهم وتشويه أجسادهم مهمة نتنازل عنها لجيش فرنسا!) فرد عليه أحد الأسرى: (لقد أفهمونا في الجيش الفرنسي أن أي أسير يقع في أيدي الجزائريين سيذبح فورا).

وبعد انتهاء التحقيق تحدث الأسرى:

* - قال الأسير (فيالاروف - جان) في ألم والدموع تملأ عينيه (أتمنى أن تنتهي الحرب في أقرب فرصة. فأنا متزوج ولي طفل صغير وأم عجوز. وقد مضت ثلاث سنوات لم أزهم خلالها إلا مرة واحدة).

* - واعترف الأسير (مورالي فالو) بأنه لم يصدق أنه سيعيش، لأن الحصار كان من كل جانب، وكان الهجوم عنيفا، والنيران مركزة ودقيقة التصويب. ورأى قائده وزملاءه وهم يتساقطون من حوله، والنار تحيط به من كل جانب، فلم يشعر إلا ويداه مرفوعتان في الهواء - إشارة التسليم - وكان مما قاله: (عندما أسرت، كان طيف خطيبتي التي عاهدتها على الزواج منذ عامين، يلوح, أمامي، لقد اتفقنا على إتمام الزواج في أول إجازة أعود فيها إلى بلادي ..).

* - أما الأسير (ريليا - هني) فقال: (أنا لم أسمع إلا صوت ضابط جزائري، وهو يأمرنا بالاستسلام، وشعرت بأنني لا أقوى

<<  <  ج: ص:  >  >>