تميز موقع (تيزي - غمدان) بطبيعته الصعبة، حيث الأرض المتضرسة والصخرية والمكسوة بالغابات. ويمر الطريق هنا بين هضبة، وبين مجنبة جبل مقابل للهضبة، مما يشكل مضيقا أشبه بالبوابة، ولهذا السبب أطلق عليه اسم (تيزي - غمدان) وكان الطرف الجبلي يرتفع مجاورا للطريق على شكل جدار قائم من الصخور التي استخدمها الفلاحون لإقامة تخم يحمون به حقول التين وكروم الزيتون.
احتل الرقيب (سالم) وجنده المجاهدون مواقعهم القتالية على امتداد هذا الجدار الطويل، وتمركزوا في الحفر، وحول الذرى المجاورة له. وقد تجنبوا التمركز على الهضبة المقابلة لأنها كانت محرومة من المؤخرة المستورة والتي يمكن لها تأمين الانسحاب وحمايته، إذا ما تطلب الأمر ذلك.
بدأت طيور الحجل تغريدها، وهذا يعني أن الموعد مع الفجر بات قريبا. كانت السماء صافية تزينها النجوم المتلالئة، وظلمة الليل لا زالت قاتمة. ونظر أحد المجاهدين الى ميناء ساعته المضيء، فوجد أن عقاربها تشير إلى الرابعة صباحا. وفي هذه اللحظة، تمزق السكون بهدير القافلة الافرنسية التي ضمت عربات نقل الجند الكبيرة (ج. م. س) والعربات نصف المزنجرة (هاف - تراك) والمدرعات، والتي كانت تقترب من (تيزي - غمدان). وكان المجاهدون قد انتهوا من حفر الحفر على أرض الطريق، وزرعها بالألغام. وقد وضعت هذه الألغمام بطريقة تسمح بتدمير عدد من الآليات، والتي يعتبر تدميرها هو الشارة المتفق عليها للبدء بالهجوم. وانفجرت الألغام عندما دخلت آخر مركبة من