شدة القتال وضراوته، فقرروا التوجه إلى (سيدي مسعود) حيث توجد (زاوية) في وسط الغابة. أقيم بجوارها مركز للعناية بالجرحى الذين يتم إخلاؤهم، وذلك لمديد العون، ومساعدة المجاهدين فيما قد يحتاجونه وعلى هذا، غادر المدنيون والمسبلون (غار مالا) وأخذوا في التنقل من شجرة إلى شجرة تنفيذا لتعليمات المجاهدين، وذلك فرارا من طائرات (ت ٦) التي كانت تحلق فوق رؤوسهم، وهي تعرف تماما أن كل هذه الجبال مأهولة بأعدائها. وقد استغرقت الرحلة إلى (سيدي مسعود) زهاء نصف ساعة. وهناك، تم اللقاء بين الجميع.
تمدد عشرات الجرحى تحت الأشجار - على مقربة من الزاوية - بعضهم يئن من الألم، وآخرون يصلون أو يقرؤون القرآن. في حين كان آخرون يصنعون محفات - ناقلات - لحمل الجرحى مستخدمين في ذلك أغصان الأشجار، حتى يتم لهم بواسطتها إخلاء الجرحى وحملهم عندما يهبط ظلام الليل، لنقلهم إلى المستوصفات السرية في الإقليم.
تسلح بعض المواطنين والمجاهدين والمسبلين بأسلحة الصيد، وانتظموا في مجموعات مقاتلة انتشرت على هضاب (ميت شيخ) ووزعوا الحراسة على مؤخرة المجاهدين لإجراء مراقبة حذرة هدفها الحيطة من أي تدخل قد يصدر عن معسكر الاستعماريين في (ولا سيدي إبراهيم) ضد مجاهدي (تيزي - غمدان). غير أن القوات الإفرنسية في هذا المعسكر لم تقم بأي تحرك.
لم يكن في (سيدي مسعود) إلا ممرضان اثنان محرومين من كل الأدوية، باستثناء بعض أنابيب حبوب الأسبيرين وزجاجات صغيرة من مادة الميكروكروم. ولم يكن هناك طبيب في (سيدي