وقد سكنت في قرية (بوهندس) مئات العائلات التي اعتادت على العيش على الزراعة الموسمية، وزراعة الأشجار المثمرة، ولم تكن (بوهندس) تفتقر إلى الماء، فالماء فيها متوافر. غير أنها أخذت في العيش اعتبارا من سنة ١٩٥٧ لقضية الثورة، بأكثر من عيشها لأمور حياتها اليومية. فالضهرة كلها تعيش من أجل الجهاد والصراع، وهذا ما أنساها أمورها المادية الثانوية، ولم تعد تظهر تجاهها أي اهتمام، وأدى بها ذلك إلى أن تصبح أكثر يسرا، وأقل معاناة من الصعوبات. وأخذت (الضهرة كلها) تعيش على مثلها الأعلى الذي كانت تعيشه الجزائر. أما (بوهندس) فقد باتت قادرة على تأمين الطعام لا لسكانها فقط، وإنما لقوات جيش التحرير الوطني التي كانت تنزل على ضيافة القرية، عندما تضطرها الظروف إلى اللجوء إليها. ولم تكن قلوب الفلاحين في هذه الفترة منفتحة على الزراعة، بل أصبحت هناك قضية أكثر خطورة، وأكثر أهمية تملأ قلوبهم وتشغلهم. وعلى هذا فقد أخذوا في تنظيم قريتهم (بوهندس) حتى تتكيف مع ظروف الحياة الجديدة. واعتبرت القرية أن الحياة السابقة التي كانت تعيشها هي نموذح من العيش لا يمكن قبوله، في حين يندلع الصراع في كل مكان ضد القمع وضد الضغط، وضد المعتصبين الغرباء الذين أرادوا إخضاع شعب أبي بالقوة، وتجريده من فضائله وشرفه بفرض قوانينهم على أرض الآباء والأجداد وقام أهل (بوهندس) بتنفيذ مجموعة من الأعمال، قدر استطاعتهم؛ مثل حفر الملاجىء وتنظيم مجموعات الأنصار - المسبلين - القادرين على تحويل حياة الغزاة إلى جحيم وبؤس مقيم، مع تأمين الدفاع الداتي عن أنفسهم وتنظيم حرس يقظ باستمرار. وتقديم الأدلاء - الكشافين - لقوات جيش التحرير الوطني