للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى تستطيع توجيه ضرباتها إلى قوات العدو، من غير أن تصاب بضرر أو أذى. هذا بالاضافة إلى استئصال شأفة الخونة والعملاء. وجمع المعلومات الدقيقة عن كل ما يتعلق بالصراع حتى اشتهر أهالي (بوهندس) بأنهم من أكثر الناس كفاءة وقدرة في أعمال الاستطلاع.

وكانت هذه القدرة الكامنة في مقاومة العدو تبرز يوما بعد يوم وكان ذلك لسوء الحظ سببا في اتخاذ الاستعماريين قرارهم بشأن مصير (بوهندس). غير أن هذا القرار لم يدخل الخوف إلى قلواب هؤلاء الجزائريين الشجعان، الذين كانوا يحبون أرضهم، وشعبهم، وجيشهم، حبا لم تعرفه إلا قلة من الشعوب المتمسكة بأصالتها وفضائلها. ولم تكن هذه (الدشرة) تخشى أبدا أن تستيقظ يوما على مصير كمصير أختها (قرية الجرة) التي دمرها الاستعماريون في سنة ١٩٥٦. وتبلورت في وسط القرية خلال هذه الفترة أمنية، وهي أنه إذا كان لا بد من الموت، فيجب مقاومة الاستعماريين حتى لا يأخذوا القرية على حين غرة، ويبيدوا أهلها بنذالة وجبن، وبحيث يستطيع الرجال المقاومة حتى الاستشهاد وأسلحتهم في أيديهم.

لقد ماتت (بوهندس) يوم الجمعة من أيام شهر ايلول - سبتمبر -. ولكنها ماتت كما أراد أهلها وتمنوه وكانت ميتتها على أيدي الأنذال الحاقدين من مظليي الفرقة العاشرة لقوات المظليين الافرنسيين والذين اجتاحوا في طريقهم وأزالوا عشرات المشاتي. والتي شيدها أهلها بجهدهم وعرقهم يوما بعد يوم وسنة بعد سنة، حتى أصبحت وافرة الظلال، كثيرة الخيرات والثمرات. ولم يكن تدمير هذه (المشاتي) إلا برهانا جديدا على بربرية الاستعماريين،

<<  <  ج: ص:  >  >>