الفدائيين المجاهدين تغير ما بين فترة وأخرى مواقعها. وقامت قوات العدو بهجومها الثاني، غير أن الفشل والدمار كانا من نصيب هذا الهجوم أيضا.
انقسمت قوة الفدائيين المجاهدين إلى مجموعات صغرى، واحتلت مواقع متباعدة جغرافيا، غير أنها بقيت تعمل كما لوكانت رجلا واحدا، مستخدمة كل قدراتها النارية بكفاءة عالية. فرماة الرشاشات الخفيفة كانوا يستخدمون نيرانهم وكأنهم يعزفون على أسلحتهم لحنا شجيا، تطرب له آذان الرجال الجزائريين. وكان لكل رام من رماة (علي خوجه) طريقته الخاصة في إحكام رماياته، وكان كل واحد يعرف كيف يعزف على أداته الموسيقية الخاصة به، ومتى يجب أن يعزف. ليس ذلك فحسب، بل إن كل مجاهد كان يعرف اللحظة المناسبة التي سيبدأ فيها هذا السلاح أو ذاك في التعامل مع العدو. واكتشف العدو مدى الكارثة التي تنتظره على امتداد الجبهة، وعرف قدرة هذه القوة التي تجابهها قواته والتي تمكت من دفن الانساق الأولى من الهجومين فوق المنحدرات. وإذن، فليست (بوهندس) وحدها في المعركة، فالمنتقمون من مجاهدي جيش التحرير الوطني يقفون سدا بين العدو، وبين الضهرة. وقد أكدوا مرة أخرى أنهم في خدمة شعبهم.
اضطرت قيادة فرقة المظليين العاشرة لطلب نجدات جديدة، وقوات دعم إضافية، من أجل مجابهة (مغاوير باليسترو). كما طلبت قيادة قوات العدو أيضا تدخل الطيران، وزج القوات المحمولة جوا. وأظهرت الفرقة العاشرة للمظليين بذلك عجزها عن مجابهة قوة المغاوير التي يقودها (علي خوجة).
ارتفع قرص الشمس حتى بلغ السمت تقريبا. وأشارت عقارب