جيش التحرير من مميزات، أهمها سيطرتها على المواقع الاستراتيجية الرائعة في ذرى الأوراس المنيعة، والتي تضم إليها عشرات الكهوف والمغاور التي كانت معاقل حصينة للثوار المجاهدين. ولهذا قرر استنفار كافة كتائب جيش التحرير الوطني القريبة منه (والموجودة في الولاية الرابعة) بالإضافة إلى تلك المجاورة له (في الولاية الخامسة).
مضى يومان فقط، ووصلت إلى الأوراس ثماني كتائب من قوات جيش التحرير الوطني. وبالرغم من ذلك، فقد بقيت المقامرة في دخول المعركة كبيرة، وكانت الثقة في كسبها غير مؤكدة. لا سيما وأنها كانت بالنسبة للعقيد (شارل) مصيرية. ولهذا فإنه كان مستعدا لزج كل شيء من أجل كسب كل شيء. وكان لديه آلاف الجنود الاستعماريين الذين حقنهم بالمواد الطبية التي تفقدهم أحاسيسهم، وأغرقهم بالمشروبات الروحية القوية، فباتوا كتلا متحركة - ومحرومة من المشاعر والأحاسيس الإنسانية. وعرف المجاهدون ذلك، غير أن هذا الأمر لم يكن يخيفهم، لأنهم كانوا يعتمدون على قوة المواقع التي يمسك بها جيش التحرير الوطني والتي تمكنهم من مجابهة هجمات القوات الأرضية بكل ثقة وارتياح غير أن ما كان يخيفهم بحق هو هجمات القوات الجوية الإفرنسية.
لم تكن الكتائب الثماني التي وصلت إلى الأوراس، أكثر من مقدمة للدعم، فقد استمرت الإمدادات والنجدات في التدفق من (بليدا) و (تيارت) و (زكار). كتائب تتبعها كتائب. تتدفق من كل مكان، يدفعها تصميم عنيد على إنقاذ الأوراس أو الموت دونها.
كانت تلك الليلة هادئة؛ وكان هذا الهدوء الذي يسبق العاصفة