لقد كنا نحن المجاهدين نمثل في المعركة (العدالة) و (الحق). ونحن الذين سنحصل على النصر، بالرغم من ضعفنا في التسلح بالمقارنة مع ما يمتلكه العدو. ذلك أننا نقاتل من أجل الدفاع عن قضية تستحق أن نموت من أجلها. وكان هذا الاعتقاد راسخا في أعماق نفوسا، في حين لم يكن لدى الجنود الاستعماريين مثل هذا الاعتقاد أو القناعة. ومن هنا فقد كنا على استعداد لمجابهة مدافع العدو، حتى لو لم يبق لدينا إلا الحجارة. وقد أدرك العقيد (شارل) ذلك، ولكن بعد فوات الأوان. ولو أدرك ذلك من قبل، وعرفه، لما دفع قواته الاستعمارية إلى الانتحار، حيث سقط من قوتها ما يزيد على ستين بالمائه، فوق ذرى الأوراس الشماء. ولم يقيد لهم بعد ذلك أن يروا نور الشمس أبدا.
أجل، عرف العقيد (شارل) ذلك متأخرا، ومتأخرا جدا. ولكنه قبل أن يصل إلى هذه المعرفة الثابتة، حاول أن يقوم بهجوم أخير، مدفوعا إلى ذلك بأنانيته الفردية بالدرجة الأولى، فزج بكل
جنده المأجورين الذين أخذوا في التدفق على الأوراس من كل الجهات، وبوسائط متفوقة جدا على تلك التي يمتلكها المجاهدون، واستمرت مدافعهم في قصف متواصل بهدف إضعاف مؤخرات المجاهدين وإعاقتهم عن كل تحرك. وتدخل الطيران بقوة فأعاق المجاهدين عن مجابهة القوات البرية الاستعمارية بكل قوتهم ووسائطهم - المتواضعة على كل حال -.
تميز خلال هذه الفترة - بصورة خاصة - مجاهدو (تيارت) الذين كانوا أفضل تسليحا بالأسلحة الثقيلة من سواهم من المهجاهدين وأمكن لهم تكبيد العدو خسائر فادحة في الطيران، غير أنهم لم ينجحوا في دفعه نهائيا، أو منعه من متابعة الطيران فوق المنطقة.