الإستراتيجية في الجبل. وقام كل مجاهد بحفر ملجأ له، وأعد موقعه القتالي على مهل، وغير متعجل، حتى يمكن له مجابهة كافة الاحتمالات. واحتل المجاهدون جميعا مواقعهم القتالية في ليلة المعركة، وأمضوا الليل في خنادقهم وملاجئهم.
أرسل المراقبون في وقت مبكر من الصباح إنذارا إلى المجاهدين يعلمونهم بتقدم أرتال من الآليات - المركبات - المتجهة من (بو عرفة) إلى (الفجيج) وهي تنتقل عبر مضيق (غروز - لاميز). وظهر واضحا أن هذه الأرتال كانت تنقل وحدات من الجيش الفرنسي الاستعماري المتمركز على تراب المغرب. واستنفرت القوات، واستعد المجاهدون جميعهم للمعركة بعد أن أدوا فرض صلاة الفجر، وابتهلوا إلى الله أن يثبت قلوبهم، ويمنحهم النصر الذي وعد به المجاهدين الصابرين.
ظهرت الخيوط الأولى لضوء النهار، وبينما كانت أنظار المجاهدين وأحاسيسهم مشدودة كلها لمتابعة تحرك الأرتال القادمة من المغرب، ارتفع هدير يصم الآذان صادر عن محركات الطائرات، مما أرغم المجاهدين على تحويل أنظارهم نحو السماء: فكان أول مشهد وقعت عليه أبصارهم ثلاث طائرات ضخمة - من قاذفات القنابل - نموذج (ب - ٢٦) قامت بجولة سريعة فوق الإقليم، ثم أخذت بإرسال قنابلها وإطلاق نار مدافعها الرشاسة. متبعة في ذلك طريقتها التقليدية لتطهير الأودية والثنايا، والتمهيد لإنزال القوات المحمولة جوا التي كلفت الهبوط فوق المواقع لقصم ظهر الثوار - الفلاقة-.
مضت ساعة والقصف الكثيف لمواقع المجاهدين لم يتوقف أو ينقطع، حتى إذا ما أشارت عقارب الساعة إلى السابعه، ارتفع هدير