وضجيج لا يقل في شدته أو قوته عن الهدير السابق ارتعد له المجاهدون وأجفلوا، وإذ ذاك ظهر سرب من الطائرات المتنوعة النماذج والأشكال، جاءت كلها فحجبت السماء، وأخذت في التحليق فوق رؤوس المجاهدين. وهنا ظهرت بغتة موجة جديدة من الضجيج قادمة من الشرق، فوقف لقدومها شعر المجاهدين، وكانت هذه الموجة صادرة عن سرب الطائرات العمودية (الهيليكوبتر) والتي أخذت في نقل وحدات العدو التي تم نقلها بالقطارات من (بيشار) و (عين صفرا). وهي وحدات كانت تعمل تحت قيادة - الجنرالين -: (فانوكسين) و (كريفكور). واجبها الاتصال مع القوات القادمة من المغرب، وإحكام حلقة الحصار على المجاهدين، بطريقة التطويق والحصار المعروفة.
تحركت قيادة المجاهدين للعمل بسرعة من أجل مجابهة هذا الموقف، فقسمت وحداتها إلى مجموعات قتالية، وأعادت تنظيمها في إطار زمر صغرى، تعمل في إطار مجموعتين رئيسيتين: أولاهما بقيادة الأخ المجاهد (غاوطي) وهو محارب قديم اشترك في حرب الهند الصينية ولديه خبرات قتالية جيدة. وحددت مهمة هذه المجموعة بالاستيلاء على النقاط ذات الأهمية الاستراتيجية في مواجهة المحور الذي تتقدم عليه القوات الافرنسية الآتية من المغرب بينما أسندت قيادة المجموعة الثانية للأخ المجاهد (عبد الحميد شيران) ومهمتها التمركز - وظهر أفرادها إلى ظهر أفراد المجموعة الأولى - لمجابهة قوات العدو التي كانت تتقدم من اتجاه الشرق. ونظمت زمر للقيام بمهمة تأمين الاتصال - الارتباط - بين المجموعتين، وتنسيق التعاون فيما بينهما. وأسندت قيادة هذه الزمر إلى المجاهدين (الحاج دوغما) و (محمد بن زيان).