وأقوالنا، إذ كانت تنقل فقرات من نشراتنا لترد عليها ردا متهافتا ضعيفا. ورغم أن العدو قد أجرى الاستفتاء في البوادي قبل الموعد الذي كان حدده، فإنه لم يجد أمامه إلا الفراغ، إذ أن سكان البوادي كانوا قد لجأوا إلى قواعدنا واحتموا فيها. أما سمكان المدن فقد أظهروا شجاعة كبيرة، رغم ألوان الإرهاب الفرنسي التي سلطت عليهم. وأحرزنا فعلا انتصارات سياسية وعسكرية هامة ; وخرجنا بنتيجة ملموسة، ازداد الشعب الجزائري فيها نضجا ووعيا.
لم نكن نتوقع بداهة أن تتحدث الصحافة الفرنسية عن هذه الانتصارات، فقد تعودت تلك الصحافة أن تعمل في خدمة الاستعمار - إلا أقلها - وأن تصمت عن ذكر الحقيقة حتى ولو كانت صارخة، فمن ذلك سكوتها عن الخيبة التي مني بها (ديغول) في زيارته الأولى للجزائر، وخصوصا عند مروره بمدينة (قسنطينة) ولم تتعرض ولو بكلمة واحدة للمظاهرة التي نظمها الجزائريون بعد خطابه، وفي نفس المكان، وهي مظاهرة ضمت الشبان والشابات وهم يهتفون (تحيا الجزائر) و (تحيا جبهة التحرير الوطني) و (يسقط سوستيل) كما صمتت الصحافة الاستعمارية عن الهجوم الذي قام به بعض الفدائيين على الحرس الخاص المرافق للجنرال (ليعود) في قلب مدينة (قسنطينة) أثناء مروره بين الحديقتين الواقعتين بين (ساحة لابريش) و (باب الوادي). وسكت أيضا عن الهجوم الذي قتل فيه ضابط وجرح اثنين من بين الضباط الذين كانوا ذاهبين من (الميلية) لمقابلة (ديغول).
لقد تصدى الفرنسيون (المستوطنون) للثورة منذ البداية، غير أن عداء هؤلاء للثورة ليس على درجة واحدة، ومن الممكن تقسيم