للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مترفة ناعمة هنيئة. ونفسيتهم هي نفسية محدثي النعمة الذين لا يحترمون إلا القوة المرافقة (للرتب والألقاب). وذات مرة كنا نقضي الليل في حراسة مزرعة (الأخوة صوير) قام هؤلاء بدعوة ضباطنا لتناول القهوة داخل المزرعة. وعندما سألهم أحد زملائنا إذا كان لديهم شيء من القهوة للجنود، أجابوه: بأن أمامهم الماء إن أرادوا شرب شيء.

وفي مجال علاقة الجنود الفرنسيين بجنود (القوم والحركة - من الجزائريين) فإنه بالإمكان القول، بأنه لم تكن لنا علاقة وثيقة بهؤلاء المرتزقة الذين لا نثق فيهم. وكنا نحتقر بيعهم لأنفسهم من أجل المال، وهم يعيشون منعزلين، ويتناولون طعامهم وحدهم، وينامون منعزلين، ومما زاد من مضايقاتهم وجود نسائهم معهم في المركز، الأمر الذي أدى في إحدى المرات، بالضابط المسؤول عن المركز، الى طردهم جميعا ما عدا ثلاثة منهم أما فيما يتعلق بقائدهم، المدعو (الشريف بن العيد) والذي سمى نفسه (الكولونيل - العقيد سي الشريف) فإننا لم نلتق به أو نجتمع إليه، ولكننا نعرف أنه تلقى في شهر كانون الثاني - جانفي - ١٩٥٩: أمرا من الجنرال (ديغول) بأن يحمل رتبة (ملازم ثان - سوليتنان) فقط. وكان هو ينتحل رتبة عقيد (كولونيل) فتألم للأمر، واتخذت الاحتياطات توقعا لأي احتمال يمكن حدوثه، وألغيت إجازاتنا، وأعلنت حالة الطوارىء حتى نشدد الحراسة عليه حتى لا يفر. ولا يحمل ضباطنا أي احترام لهذا الشخص الذي يأخذون عليه رفضه الدائم للمشاركة في المعارك. أما هو، فإنه يتشبث بحمل رتبة عقيد، رغم ابتسامات السخرية التي يلقاها من الضباط الفرنسيين.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>