ثلاثة من وقوع الاشتباك في (بو سعادة). وكان الحراس يتناقلون همسا بأن (سي عميروش) قد استشهد. ولكن لم يظهر عليهم أي تخوف من عواقب الحادث، بل كانوا يرددون بأنه (مكتوب). وفي ١١ أيار - مايو- جاءنا القائد الذي تولى قيادة الولاية الثالثة بعد (عميروش). وقال لنا: إني أحمل لكم خبرا سعيدا فإننا سنطلق سراحكم يوم ١٨ أيار - مايو - جميعا، من مدنيين وعسكريين. فقد وصلتنا أوامر من حكومتنا بإطلاق سراحكم. ثم زارنا الطبيب في يوم ١٦ أيار - مايو - وسلم لنا ملابس نظيفة، وقبل ذهابنا قال لنا أمين سر الولاية الثالثة - سكرتيرها -: إننا لا نطلق سراحكم من أجل الدعاية في الخارج، ولكننا نرجع إليكم حريتكم بدافع إنساني محض. وعند توديعنا صافحنا جنود (جيش التحرير الوطني) بود خالص وقالوا لنا: إنهم مسرورون من أجل إطلاق سراحنا، واسعادتنا لحريتنا.
لقد أثارت هذه المقولات عاصفة قوية في غير مصلحة فرنسا، لا سيما وأنها أثارت مجال المقارنة بين هذه المعاملة الإنسانية السمحاء، وبين ما يلقاه مجاهدو جيش التحرير الوطني، ومناضلو جبهة التحرير الوطني، على أيدي الجلادين الفرنسيين عندما يقعون في قبضتهم، لا في الجزائر وحدها، وإنما في فرنسا أيضا. وكان من المفروض أن تتعلم (فرنسا الحضارة) من (جزائر الثورة) أساليب التعامل الإنساني. غير أن الحضارة المجردة من إنسانيتها مضت في وحشيتها، ويكفي التوقف عندما جاء في (نشرة جزائرية) بعد ذلك بمدة سنتين تقريبا، حيث ورد ما يلي (١):
(١) المرجع: نشرة جزائرية تحمل ما يلي (الجمهورية الجزائرية - وزارة الداخلية - نشرة داخلية - نوفمبر - ١٩٦١ - الصفحة الأولى).