للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضها الى بعض، ثم تزرعها، وتتعاون في العناية بها وحصاد محصولها. وللفرد والأسرة حق استثمار الأرض وليس لهما حق الملكية.

لم تكن القبائل تعرف بيع الأرض قبل دخول الفرنسيين للجزائر. ولهذا فإن النظام الزراعي الذي كان قائما في العهد التركي لم يسمح بظهور الإقطاعية. وخلق نوعا من الحياة الديمقراطية التي تتخذ العدالة الاجتماعية قاعدة لها. فالأرض ملك للجميع، والفرص متاحة أمام الجميع للعمل. وما على الفرد إلا أن يكد ويعمل حتى يحصل على الانتاج الذي يحفظ لا كرامته الإنسانية. وقد شهد بذلك القادة العسكريون الفرنسيون ذاتهم عندما دخلوا الجزائر، ووجدوا بها حياة ديمقراطية أفضل من الحياة التي كانت سائدة في فرنسا ذاتها - مثل الكونت دي هيرسون - الذي كتب يقول:

(إنني أشك في أمر احتلالنا لهذه البلاد. فإن للقبائل حق الأولوية - الذي لا جدال فيه - من العيش بين منازلها على نحو ما كان عليه حالها منذ أجيال مضت. ويبدو لي أن العرب لم يسيؤوا التصرف في معيشتهم، ما داموا يحكمون أنفسهم بقوانين ديمقراطية صالحة ... ونحن نقسو عليهم لا لشيء إلا لأننا أقوى منهم ...).

ويقول العقيد - الكولونيل فوري - في ذلك ما يلي: (لم أر قط، ولم أكن أتوقع مثل هذه الكثافة من السكان، ومن ضخامة المراكز التي تجمعهم كما رأيت في جبال - بني بوعايش - وبني مالك - فهنا تجد المساكن المنعزلة كثيرة. ولكن تجد أيضا مداشر وقرى، شبيهة بالتي عندنا في فرنسا، وفوق أحسن وأجمل ما تكون من المواقع. كلها محاطة بالبساتين والجبال المشجرة العالية العظيمة بأشجار الزيتون فيها. ولقد وقفنا كلنا ونحن في دهشة وذهول أمام هذا المجال الطبيعي الذي لا يكاد يحد. ولكن الأوامر هي الأوامر .. وقد كان اعتقادي

<<  <  ج: ص:  >  >>