للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفطور إلى الحصادين في الصباح بالحقل. ثم يأخذهم إلى منزله عند الظهيرة ليتناولوا وجبة الغداء عنده. ومن شروط (التويزة) أن يتم جمع المحصول على أنغام المزمار، وتوجد ألحان خاصة (بالتويزة) تساعد على تنشيط الحصادين، وخلق جو التنافس بينهم. وقد أجري بحث في إحدى (التوائز) فتبين أن عامل الحصاد في التويزة ينتج أربعة أمثال ما ينتجه في يوم من أيام عمله العادية. وتتكفل القرية أيضا بحرث أراضي الأرامل واليتامى، وأراضي الأوقاف، وجمع محصولها. بل إن التعاون بين الفلاحين امتد حتى شمل الزواج والختان. فالشاب يستطيع أن يختار الفتاة التي تروقه، وإذا وقع الاتفاق بينه وبين ولي أمرها، فإن مسألة المهر لا تقف عائقا في طريقه. فسكان القرية يقومون بجمع المهر وتقديمه لولي أمر العروسة.

إن هذه العلاقات التي تربط بين سكان القرية، تعتبر امتدادا للحياة الجماعية التي كان يحياها الفلاحون قبل دخول الفرنسيين للجزائر، وتفتيتهم لهذا النظام الجماعي، وهذه العلاقات الجماعية هي التي مارست دورها الرئيسي والحاسم في إنجاح ثورة الجزائر.

وإلى جانب هذه العلاقات الاجتمامعية - وجدت بعض الخصال الأخرى - المتممة لها والناتجة عنها - في نفسية الفلاح، ساعدت على إنجاحه للثورة. وأهم هذه الخصال (الثقة بالنفس) فالمعروف عن الفلاحين في كل أنحاء العالم أنهم مصابون بعقدة (الشعور بالنقص) إزاء ابن المدينة، ينظرون إليه نظرتهم إلى إنسان حصل على مميزات لم تتوافر لهم فرصة الحصول عليها، كالثقافة والمدنية والثروة المستقرة. إلا أن الفلاحين بالجزائر شذوا عن هذه القاعدة، فهم يحتقرون ساكن المدينة، ويسمونه (البلدي).

<<  <  ج: ص:  >  >>