للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رصاصاتهم تضيء كالشرر وسط ظلمة الغابة. واستخدم المجاهدون الأربطة الفردية لتضميد جراحهم وإيقاف نزفها. وتقدم المجاهدون لمساعدة إخوانهم الجرحى، فحملوهم إلى مكان مأمون، وتركوا معهم ممرضا للعناية بهم في ملجئهم، وأقام هؤلاء الجرحى ثلاثة أيام بلياليها في هذا الملجأ وهم محرومين تقريبا من الطعام والماء، حتى إذا ما جاء اليوم الرابع، وهو يوم ٢٨ تشرين الأول - أكتوبر - انتهى الفرنسيون من عملية (المسح) أو (التمشيط) وكان من حسن حظ الجرحى أن العدو لم يتمكن من اكتشاف ملجئهم. وعاد المجاهدون فحملوا إخوانهم الجرحى إلى مركز قيادة الولاية الثالثة، حيث تجمع ستون من الجرحى تقريبا، وفي الليل نقل هؤلاء جميعا إلى مناطق مأمونة جدا، بهدف تقديم العناية الطبية اللازمة لهم، حتى تندمل جراحهم، ويستعيدوا قوتهم ويستأنفوا جهادهم. بدأت عملية نقل رتل الجرحى في الليل، غير أن هذا الرتل لما يبلغ الطريق العام حتى أنذره المراقبون ورجال الاستطلاع عن وجود كمين أقامه الفرنسيون. وبات لزاما إعادة هؤلاء الجرحى إلى القاعدة التي انطلقوا بهم منها. واستؤنفت محاولة الابتعاد بالجرحى في الليلة التالية، حيث استمر المسير لمدة ست ساعات أمكن الوصول

في نهايتها إلى قرية تقع بعد (أسيف الحمام). وأمضى الجرحى الستون يوما في هذه القرية، أشرف خلاله الطبيب (سي أحمد بن عبيد) على العناية بأمر الجرحى ومعالجتهم.

وصلت معلومات إلى القرية في الساعة الثانية من فجر اليوم التالي، تؤكد أن القوات الفرنسية في المنطقة قد تلقت المزيد من الدعم. وأنها في سبيلها لإجراء عملية مسح (تمشيط) ثانية. وهذا يعني بأن العدو قد اكتشف بأن جميع الإخوة المجاهدين قد انسحبوا

<<  <  ج: ص:  >  >>