للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الولاية الرابعة (الجزائر) كل جهودها ضمن هذا الاتجاه. وكان شهر حزيران - يونيو - ١٩٦٠ - يقترب من نهايته، ولم يبق إلا أيام قليلة على قدوم اليوم المشؤوم (يوم ٥ تموز - يوليو) الذي يثير في ذكراه السنوية كل مشاعر الحزن التي رافقت إنزال القوات الفرنسية على ثرى الجزائر سنة ١٨٣٠. وفي هذه الذكرى كان الشعب الجزائري يحتفل بطريقته الخاصة: فيعلن الصيام، ويقيم الصلوات، ويدعو للجهاد وكانت هذه العبادات تتضمن كل المعاني التي تمسك بها شعبنا فحافظ بها على أصالته.

قررت قيادة جبهة التحرير الوطني - وجيش التحرير الوطني، إعطاء هذه المناسبة بعدا نفسيا خاصا. وصدرت الأوامر بذلك.

كانت المنطقة الأولى قد أقامت مقر قيادتها في بناء قديم يتكون من طابق واحد، ويقع عند أقصى الطرف الغربي من الجسر الذي يجتاز المدينة - عند الحراش -. ولم يكن هذا المبنى أكثر من مهجع يضم مجموعة من الغرف البائسة، الفقيرة، التي يتكوم فيها كل مساء عدد من العمال الذين يسحقهم عملهم في المصانع المجاورة والمزارع القريبة. وكان هناك درج صغير تحيط به الجدران ينتهي إلى دهليز طويل ومظلم. وكانت الروائح الكريهة المنبعثة من دورات المياه، والظلمة المهيمنة على المكان، من الظواهر الكافية لإعطاء فكرة عما كانت تعانيه كتلة العمال الجزائريين من البؤس والشقاء. وكان هناك باب كبير قديم - نخر - ينفتح على مصراعيه ليطل على غرفة واسعة مطلية جدرانها بالكلس، وتضيئها نافذة واحدة، يحميها من الخارج باب شبك خشبي مخلع. وأما أثاث الغرفة فكان يشتمل على صف من الكراسي قد نضدت على امتداد طول الغرفة، وهناك طاولة مصنوعة صناعة بدائية قد احتلت عرض الغرفة حتى يتم

<<  <  ج: ص:  >  >>