للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شكلت الكتيبة دورية لتنفيذ هذه المهمة، وانطلق أفرادها ركوبا بأعلى الجمال، وبمسافة مائتي متر تفصل كل فرد عن الآخر. وكان عدد أفراد هذه الدورية ثلاثة مجاهدين فقط، هم (سي بوجمعة) وهو قائد فصيلة ومحارب قديم اشترك في حرب الهند الصينية، واقتصر تسليحه على مسدس رشاش وقنبلتين يدويتين. و (سي الأخصر) وهو من الأنصار - مسبل - انضم إلى قوات المجاهدين حديثا. و (دهمان رمضان) وهو من الأنصار أيضا، غير أنه مضى عليه وقت طويل في الجهاد مع قوات جيش التحرير - أكثر من عام - ولم يكن الاثنان الأخيران يحملان من السلاح إلا السكين المعروفة باسم (بوسعدي) وهي سكين معروفة تماما لدى أبناء الصحراء.

هبط الليل على الصحراء، ووصلت الدورية إلى مكان يحمل اسم (ساقلات الدريك) حيث ظهر لها سرير الوادي والطريق الصاعد نحو أعالي الهضبة، فعقل أفراد الدورية جمالهم، وتابعوا طريقهم سيرا على الأقدام. وإذ ذاك ظهر لهم بصورة مباغتة. وعلى البعد، ضوء يبهر الأبصار، وأنذر (سي بو جمعة) رفيقيه بقوله: (لقد وصلت قافلة من المركبات) وأمرهما باتباعه، ثم حدد لكل واحد منهما موقعه وهو يقول لهما: اعملا على عد المركبات، وتحديد نوعها، وحاولا معرفة ما تحمله. وما لبث صوت هدير المحركات أن تزايد اقترابا شيئا فشيئا. وتمركز أفراد الدورية في مخابئهم. وأخذت عربات النقل (الكميونات) في تسلق المرتفع وهي تزمجر وتزأر. وكان قلب كل فرد من أفراد الدورية يخفق بشدة متزايدة مع اقتراب العربات ومرورها من أمامه. لا سيما وأنها كانت المرة الأولى بالنسبة للمجاهد (دهمان رمضان) حيث يجد نفسه على مسافة قريبة جدا من هذه العربات الكبيرة (الكميونات)

<<  <  ج: ص:  >  >>