إلى بداية الطريق الصاعد، وأخذت في تسلقه بيسر وسهولة. في حين كانت المركبة الثانية - الكميون - تصعد بعناء، حتى كاد ضجيج المحرك يهدد بالانفجار. وفي هذه الفترة كان الوجيب قد عاد قويا إلى قلب (دهمان رمضان) من جديد، واصطكت ركبتاه، ومرت من أمامه سيارة الجيب وتجاوزته، ووصله صوت رفيقه وهو يحذره بصوت منخفض ويقول له:(إن عربة النقل - الكميون - تقترب) وأثناء ذلك، كانت سبابة يده اليسرى ممسكة بحلقة القنبلة اليدوية بينما كانت أصابع يده اليمنى تحيط بأخاديد القنبلة وتشد عليها بقوة. ومزقت وحشة الليل بغتة صرخة حادة:(الله أكبر) وتبعتها أصوات الرصاصات المنطلقة من المسدس الرشاش. واهتز الرجلان وكأنهما استفاقا من ذهولهما، وقذفا بقنبلتيهما وهما يصرخان بدورهما (الله أكبر) وانبطحا أرضا. غير أن رأس (دهمان رمضان) اصطدم بصخرة كبيرة وهو ينبطح فأصابه ما يشبه الدوار والإغماء، غير أن أصوات الانفجارين وما تبع ذلك من ضجيح دفعه للوقوف حتى يعود للسقوط من جديد. وجمع كل قوته، ونهض بغتة فانضم إلى رفيقه الذي كان يتقدمه. ووصل الاثنان إلى المرتفع، فعادا وانبطحا أرضا. وقد التصق رأس كل واحد منهما بالأرض. ووصلهما بعد ثوان (صياح الديك) فأيقظهما وأوقفهما، ودفعهما إلى الركض حتى الطريق، ثم توقفا ليبحثا في وسط الظلمة عن رئيسهما ورفيقهما الذي ناداهما للمرة الثانية من جوف الوادي، فتدحرجا على منحدر الوادي، وانضما إليه.
كان بوجمعة ممسكا بيده بمصباح كهربائي، وهو يفتش عربة النقل الكبيرة - الكميون - والتي هوت من ارتفاع ثلاثيق مترا فتحطمت، واختلط حديدها بزجاجها المهشم، مصطبغا بلون