أسرع الرجلان باللجوء إلى كهف أسعفهما وجوده بالقرب منهما. وعادا صاعدين بعد أن ابتعد الصوت عنهما، ونظر (دهمان رمضان) إلى رفيقه (سي الأخضر) فوجد أن عصبة رأسه (الشيش أو العمة) مصطبغة بالدماء، فنظر إليه نظرات ذاهلة، فقال له (سي الأخضر) متسائلا: (ماذا بك؟) والتقت نظراتهما، ثم عاد (دهمان رمضان) بنظره إلى عصبة الرأس، وقال لرفيقه:(هل أنت جريح؟) وهتف هذا: كلا. ووضع يده على عصبته وسحبها، فظهر له أنها غارقة بالدماء. وعندها عاد فنظر إلى رفيقه من جديد، وقد جحظت عيناه. وأخذ (دهمان رمضان) من رفيقه عصبة رأسه وأعاد طيها مخفيا جلطات الدم المتخثرة، فيما كانت قطرات كبيرة من الدم تنساب على كتف رفيقه. وظهر أن رصاصة قد أصابت جلد الرأس ومزقته بشدة. فأخرج (دهمان رمضان) عودا كان يحمله وسحقه بين حجرين وصنع منه ضمادا ضاغطا عصب به رأس رفيقه. واستأنف الرجلان مسيرهما. وعندها ظهرت لهما طائرة عمودية (هيليكوبتر) وهي تحلق فوق رأسيهما، وترسم في الفضاء دوائر واسعة هنا، وهناك، ثم تنقض مقتربة من الأرض لتعاود ارتفاعها من جديد. وهكذا. فما كان من (دهمان رمضان) إلا أن قال لرفيقه: (لا تتحرك! قف، فأية حركة ستودي بنا!). وأكملت الطائرة العمودية جولتها خلال عشرة دقائق، ثم قامت بجولة أخيرة، وهي تبتعد نحو الجنوب لتختفي وراء الأفق. وقال (دهمان رمضان) محدثا رفيقه: (هيا بنا! فالوحدات الآلية - الميكانيكية - للعدو تبحث عنا، وكذلك تفعل قوات المهريين (الهجانة) وهي تقتص أثرنا. ولم يعد لدينا ما يكفي من الوقت، إذ يجب علينا الوصول إلى الأغوار قبل هبوط الظلام، لا