سيما وأن العدو يركز بحثه في اتجاه الإقليم الصحراوي - حيث الحماد).
تابع الرجلان طريقهما بخطوات متسارعة، ونسي (سي الأخضر) ألم جرحه، وأخذ عصف الريح يشتد أكثر فأكثر، وكانت عقارب الساعة تقترب من الثانية بعد الظهر (١٤٠٠). وبدأت قوة الريح في التعاظم حتى أنها أعاقت تقدم الرجلين وقاومته، - كما كانت الرمال التي تحملها الريح تشكل سياطا تصفع الرجلين صفعا مؤلما. وتزايدت صعوبة التقدم وأصبحت أكثر إرهاقا فانحنى الرجلان وانكمشا في محاولة لإنقاص سطح المقاومة. وقال (سي الأخضر) لرفيقه (ستنقذنا هذه العاصفة إذ أنها ستجعل من الصعب البحث عنا. فصبرا!). وتبع ذلك صمت قطعه بعد ذلك (دهمان رمضان) بقوله: (الحمد لله، ها قد وصلنا الأغوار!) , وأشرق وجه (سي الأخصر) للحظة قصيرة غير أن ابتسامته ما لبثت أن غاضت خلف سحابة من الحزن. وأخذ الرجلان في تسلق المرتفع الصخري وقد اقتلعا بعض الشجيرات لاستخدامها في التمويه. وظهر لهما فرن نصف متهدم وقد بني بالجص فرفع الإثنان ما به من الرماد، ودخلاه، ورفعا ما معهما من الشجيرات فوق رأسهما. لقد أصبح الطريق إلى (الغولة) و (ورقلة) وراءهما، أما الطريق إلى (متليلي) فلم يكن يبتعد عنهما بأكثر من ثمانمائة متر، وهو يمتد من أمامهما. وكان يظهر لهما على البعد المطار والطريق المؤدي إلى (غرداية). ووقف (سي الأخضر) وقال لرفيقه: (لم تعد لدي قدرة على الاحتمال، فرأسي يكاد ينفجر، لم أعد أحتمل، وإذا كان لا بد من الانتهاء، فلتكن نهاية مجيدة). غير أنه لم يكد ينهي قوله، حتى ارتفع صخب يصم الآذان، وظهرت قافلة من عربات النقل -