للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوطني قادرة على تجنب الموجة الحيوانية التي أطلقتها منظمة الجيش السري الفرنسي. ولقد عمل إرهاب المدن، إرهابنا المحرر، كصمام الأمان. وأتاح للمواطنين الذين أرهقهم الصراع غير المتكافىء، وأثارهم الظلم الفرنسي الذي استمر يمارس ضغطه على الأفريقيين دون الأوروبيين، أن يفجروا كبتهم، وأن يحتفظوا برباطة جأشهم، وأن يتقيدوا بالانضباط الثوري. أجل! لقد تصرفت (فرق الموت) في كل من (الجزائر ووهران وقسنطينة وتيزي أوزو وسطيف الخ ...) تصرف القوى السياسية حتى تحول دون وقوع مجازر طائفية. واعترفت بذلك صحيفة فرنسية، ولو أن الاعتراف بهذه المأثرة قد تأخر كثيرا، حيث ذكرت ما يلي:

(لا ريب في أن الانضباط الصارم الذي تتحلى به جبهة التحرير الوطني هو الذي كبح جماح المسلمين عن القيام بعملية انتقام من الأوروبيين. حيث كان تأثير الجبهة أقوى بكثير من عامل الخوف من الجيش الفرنسي (١)).

نصل الآن إلى الحالة المعاكسة، وهي أن القوى الشعبية بالمقابل، تؤمن إيمانا مطلقا بالقوة غير المحدودة لإرهاب المدن.

وإذا كان واضعو القنابل يظهرون بمظهر (حماة الشعب) فإن الطاقة البشرية ستكون، بالتالي، دائمة التفجر، ولن تنضب. إنه (الاختيار) الذي يلغي الذريعة السخيفة التي يتذرع بها العقداء السافلين - الكولونيلات - وهم يحاولون تفسير التجدد الدائم للباحثين عن الخطر والعذاب والاستشهاد، بأنه نتيجة الإكراه لا الاندفاع. إن تجميع الفدائيات يتم وفقا لاختيارهن المطلق الحرية. ويمكن في


(١) صحيفة (الإكبرس) الفرنسية ٨/ ١٩٦٢/٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>