إلى خمسة مرات في اليوم والليلة. ويعاودها الكابوس في كل مرة بعد انصرافهم. وتنتابها المخاوف من جديد. ولم تكن هناك دورية واحدة هي التي تتردد على منزلها، فقد كانت - على الأغلب - ترى في كل مرة وجوها جديدة. وكان (الحركيون) في جملة من كان يتردد عليها، غير أن هؤلاء كانوا يستخدمون أساليب مغايرة، فكثيرا ما كانوا يحاولون التبسط معها وملاطفتها وكسب ثقتها، ويعدونها بألف أمنية وأمنية جميلة، على أمل الحصول منها على بعض أسرارها، أو بعض المعلومات عن زوجها، أو حتى تكون (مطواعة لهم ورقيقة في تعاملها معهم، على الأقل؟) غير أنه ما من أحد معهم ظفر منها بنائل. واستطاعت (عقيلة) بالرغم من كل ذلك المحافظة على موقفها بثبات. ولكن إلى متى ستستمر في احتمال هذا الشقاء؟ وما هي حدود قدرتها على التعايش مع هذه المعاناة؟ وحتى متى تستطيع العيش تحت التهديد المستمر بالقتل؟ كانت يد القدر معها، فاستجابت لها، ومهدت لها طريق النجاة، ولكن كيف؟
...
كان (سي الأخضر) ورجاله يتابعون من مواقعهم في الجبال كل ما كان يدور حولهم. وكان أنصارهم من رجال القرية ينقلون إليهم تباعا كل ما تتعرض له (عقيلة) وما تعانيه على أيدي رجال الدوريات الإفرنسية. بما في ذلك التردد المستمر على منزلها في الليل والنهار، وما يرافق ذلك من تهديد وإغراء، وتحقيق واستجواب، وإهانات ومحاولات انتهاك أو اغتصاب ...
أدرك (سي الأخضر) أن زوجته باتت تتعرض لخطر حقيقي، كما عرف بأنه من الخطر أيضا محاولة القيام بزيارتها، فقرر مع رجاله تقديم يد المساعدة لها والإسراع لإنقاذها. وشرع بجمع المعلومات