خلال هذه الفترة، كانت حياة (عقيلة) في قرية (بيرقسطلي) قد شهدت بعض التغيير. إذ باتت تعمل بهدوء، محاولة نسيان كل معاناتها وآلامها التي عرفتها هناك في قرية (زمورة). حتى جاء اليوم الذي واتت فيه أحد الحركيين (رجال الحركة) فكرة شيطانية، وذلك بإرسال أمه الى (قرية بيرقسطلي) بهدف التجسس على مكان القرية، والحصول على بعض المعلومات التي قد تفيده. وكانت المرأة العجوز تعرف معظم سكان القرية، مما ساعدها على تنفيذ مهمتها إلى حد بعيد. ولم يكن من العسير عليها التسلل إلى وسط القرويين، واكتساب ثقتهم، والدخول بسهولة إلى قلب منازلهم. وفي إحدى الأمسيات، دخلت منزلا من المنازل بحجة زيارة أصحابه، ولفت انتباهها وجود فتاة حلوة كانت منصرفة لعملها في حياكة الصوف. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يقع فيها بصرها على هذه الفتاة، مما أثار اهتمامها. فرسمت المرأة العجوز ابتسامة ماكرة على شفتيها، واقتربت من الفتاة، ثم جلست إلى جانبها. ولم تجد صعوبة كبرى في اكتساب ثقة الفتاة الحلوة، ذات النظرة البريئة والنفس الصافية. وباحت (عقيلة) بسرها.
...
سار الملازم (سكار بانكي) على رأس مجموعة من رجاله في اتجاه قرية (بيرقسطلي) بعد أن أعلمتهم المرأة العجوز عن البيت الذي تسكنه (عقيلة). وعندما وصلت هذه القوة إلى القرية، قامت بتطويق المنزل وإحكام الحصار حوله. ثم باتوا ينتظرون وأصابعهم على زناد السلاح، وهم ينتظرون أمر الهجوم من الملازم (سكار بانكي). وكان هذا يريد اصطياد عصفورين بحجر واحد. وكان يعرف بأن الملازم (سي الأخضر) سيأتي في ليلة من الليالي لرؤية