البصر أسماء رفيقاتها (مريم بوعطورة) و (سالمة أم حازم) اللتين لقيتا مصيرا بائسا كمصير أختها (مريم) ... واستمرت (فضيلة) في مناجاة نفسها: يجب أن أحافظ على هدوئي - يا .. ما. والتفتت إلى المرأة العجوز: هل لديك مسحوق (د. د. ت).؟ وأجابتها هذه: شكرا لله، لدي منه. وأسرعت العجوز الطيبة، من غير تردد أو تلكؤ، لإحضار المسحوق، وأخذت في نثره حول مسكنها البائس، ومن المفروض أن تكون رائحة هذا المسحوق قد أزالت كل أثر لرائحة فضيلة. وأثناء ذلك، كان قلب (فضيلة) يضرب بشدة، ويضرب، حتى ليكاد يقفز من صدرها، وقالت مناجية نفسها؛ ملتجئة إلى ربها: يا الله ساعدني حتى لا أكشف عما بي من اضطراب. وقامت (الغندورة) بإخفاء قنبلة يدوية تحت طيات ثوبها، وأعدتها للتفجير عند الضرورة لقد صممت على عدم الوقوع في قبضة أعدائها وفيها حياة تختلج. وعادت للمناجاة: لن أموت وحدي ياما (يا أماه) وسأقتل معي عددا من (أولاد الكلب).
هيمن السكون والصمت على ما يجاور الكوخ، وخاف المارة من إصابتهم برصاصة طائشة، وقد اعتاد الجميع اللجوء إلى منازلهم في كل مرة يتناهى إلى سمعهم اطلاق النار، أو يمرون بظروف مماثلة. ووصل إلى أسماع (فضيلة) وقع خطوات متسارعة مختلطة بعواء الكلاب، وصوت جندي يحادث آخر - باللغة الإفرنسية - وهو يقول له: من هنا يا بول.
وأخذ الطنين يتردد قويا في أذني (فضيلة) وهي تسمع من جديد:
- من هنا - من هنا - في هذه المرة لن يفلتوا من قبضتي. وخفضت (فضيلة) رأسها، وقد عاودتها شجاعتها، فاستمرت