للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عملها وهي تدير الطاحونة وظهر اثنان من رجال الدورية، وهما بهيئة مرعبة، وتحدثا بلهجة قاسية وهما يسألان بصوت واحد: هل لجأ أحدهم للاختباء عندكم؟

وأجابت العجوز الطيبة بلهجة طبيعية تماما: فتش!.

وانطلق الجنديان للنظر في كافة زوايا الكوخ، ثم اقتربا من الفتاة وأعادا طرح السؤال ذاته، فردت هذه بإيماءة سلبية، وهي تشد على القنبلة اليدوية بيدها الأخرى. وانطلق الجنديان نحو الباب بخطوات متعجلة وأحدهما يقول للآخر: فلنسرع للبحث في مكان آخر.

اختلطت المشاعر القوية في نفس (فضيلة) فلم تعد تعرف أتضحك أم تبكي. وتدفق الدم الى وجهها فأصبح أحمر بعد أن كان أصفر شاحبا. ونهضت وهي تقفز من مكانها وتنفض الدقيق من على ثيابها. فعانقتها المرأة العجوز الطيبة، وقدمت إليها قدحا من الماء مع قطعة من السكر، وقالت لها بلهجة حنون إشربي هذا يا ابنتي حتى تهدئي ويزول ما بك!

...

ألم تكن هذه ملحمة؟ كلا! وهي ليست أسطورة. فقد روتها لي (فضيلة) وهي لا تزال تحت تأثير الصدمة المرعبة. وتأكد لي صدق قولها من حالتها النفسية التي كانت عليها عندما أقبلت لزيارتي بعد الحادث الذي صادفها مباشرة. وقلت لها عندما أنهت حديثها:

- (فضيلة) لماذا تعرضين حياتك للخطر، على مثله هذا النحو؟ ..

وأجابت (فضيلة): حتى يكون لي الحق أن أعيش بشرف.

قالت ذلك بصورة عفوية، وبلهجة تحمل معنى التوبيخ لأنني طرحت عليها مثل هذا السؤال.

<<  <  ج: ص:  >  >>