كانت الصرخات المباغتة التي تطلقها (البنات) ما بين فترة وأخرى، تكاد تبعدني أو بالأحرى تنتزعني من دائرة (صندوق الذكريات) التي أخذت في محاصرتي، وتضييق الخناق علي. وانتزعني صوت إحدى البنات وهي تهتف قائلة:
- أنظري يا أماه، كم هي شابة جميلة في هذه الصورة؟. وأجبت:
هي لا تزال صبية حلوة، لو عاشت حتى اليوم! كم كانت جميلة؟ وكم كانت رقيقة؟ وكم كانت مجدة مجتهدة. إنني أكاد أراها الآن وهي تحضر حفل توزيع الجوائز في نهاية كل عام دراسي - لقد كان اسمها معروفا من كل الأساتذة ومن كل الطلاب. كان اسمها يتردد على ألسنة الجميع فهي:
فضيلة. س: الحائزة على الجائزة الأولى في اللغة الإفرنسية.
وهي فضلة. س: الحائزة على الجائزة الأولى في اللغة العربية.
وهي فضلة. س: الحائزة على الجائزة الأولى في الرياضيات.
وهي فضيلة. س: الحائزة على جائزة التفوق بامتياز.
كانت ذراعاها مثقلتان دائما بالمجلدات الضخمة. وكانت دائما تلميذة مجدة رائعة. وقيل عنها أيضا أنها (صعبة المراس) ... وقاطعتني إحدى البنات بقولها: ولهذا أصبحت ثائرة؟ لا، لقد حدث ذلك قبل إضراب الطلاب سنة ١٩٥٦ بوقت طويل. حيث وقع ما أطلق عليه إسم (العصـ .. يان) وفقا لما كانت تصفه بهذه الكلمة المتقطعة، الآنسة (شفز) المراقبة العامة للفتيات في معهد قسنطينة، والتي انقطعت عن ممارسة مهنتها كان صوتها متهدجا