للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحادا، لا سيما عندما كانت تتحدث إلى الفتيات الجزائريات اللواتي كن قليلات في تلك الفترة، يعشن في وسط كله غريب عنهن.

كانت الفتيات ينتظمن في الصف، عند العشاء، للدخول الى قاعة الطعام باعتبارهن طالبات داخليات - مقيمات - في المعهد. حتى إذا ما جلسن إلى الطاولة، قدمت إليهن وجبة العشاء المعروفة: الحساء، وطبقا لا يتغير من الطعام واللحم. وكان هذا اللحم من نوع (لحم الخنزير) في معظم الأحيان. وكانت الطالبات كثيرا ما يتحدثن بعضهن إلى بعض - في الفرصة - عن موضوع هذا الطعام. وكانت (فضيلة) رئيسة للطاولة، وذات يوم أعلنت تذمرها بصوت مرتفع وهي تحتج قائلة: (ما من سبب لحرماننا من لحم الخروف أو لحم البقر). وظهر بوضوح أنه بات من المحال الاستمرار بقبول هذا الوضع الذي مضى وقت طويل على فرضه، غير أنه بات من الواضح أيضا بأننا سنواجه مأزقا صعبا وأياما عسيرة وقيل لنا بأن وجبة العشاء ستتغير، وأنه سيقدم لنا طبق الطعام بصورة ملائمة. فطلبنا بحزم ألا يحتوي الطبق الأخير (لحم الخنزير). وتم قبول طلبنا، غير أننا أصبنا بالإحباط عندما قدم لنا لحم (الكورن بيف، أو العجل) بدمه، وهو غير مذبوح على الطريقة الإسلامية. فرفضنا قبول الطعام أو تذوقه، وبدأ ما أطلقت عليه الآنسة (شفز) اسم (العصـ ... يان) وذلك عندما اندفعت نحو (فضيلة، صعبة المراس) وقالت لها بلهجتها الحادة:

(إنك أنت يقينا! أنت عنصر التحريض! فهل تريدين شيئا آخر؟ ألا يرضيك شيء؟).

وابتسمت (فضيلة) ابتسامة ساخرة، ثم اجتاحتها نوبة من الغضب، وأجابتها وهي تشير إلى (اللحم الأحمر) وهي تقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>