للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنكم تعرفون جيدا بأن هذا اللحم محرم علينا نحن المسلمين).

وكانت هذه الكلمات تمثل تحديا صارخا، واجهته (الآنسة شفز) بنوبة من الغضب المحموم، وقد تقلصت أساريرها، فقالت مهددة متوعدة:

(حسنا! سننظر في الأمر).

قامت السيدة المديرة بجمع الطالبات المسلمات في صبيحة اليوم التالي بمكتبها. وكانت (فضيلة) كعادتها، هي التي تولت الدفاع عن قضية الطالبات، وهي التي وقفت في المقدمة لشرح الحقوق الشرعية للطالبات. وتضامنت الطالبات مع (فضيلة) فخرجن من الاجتماع ساخطات، وقررن (الإضراب عن الطعام) حتى تستجاب، طلباتهن مهما تعرضن في سبيل ذلك للخطر. وكان لا بد لهن من هذا الإجراء بعد أن أرغمن عليه ولم يبق أمامهن طريق سواه.

استمرت الفتيات الطالبات في إضرابهن ثلاثة أيام، وعضهن الجوع بنابه، وكانت معاناتهن مع الجوع صعبة وشاقة، غير أنهن قررن التجلد والصبر مهما اشتد عليهن الأمر، ومهما ساءت حالتهن. وزاد من سوء موقفهن أنهن يتوقعن تضامن زميلاتهن، الأجنبيات غير الجزائريات معهن، ولكن رفيقات الدراسة انصرفن عنهن، وأظهرن عدم اكتراث بقضيتهن، بل إنهن لم يظهرن شيئا من الاهتمام بمصيرهن. وعلى كل حال، فقد جاء اليوم الرابع ومعه وعد بتقديم اللحم (المذبوح والمطبوخ - المطهي - على الطريقة الإسلامية) وصاحبت الفتيات فرحات (انتصرنا). غير أنه كان لا بد من الاستمرار في التضحية، بالرغم من كل المعاناة وآلام الجوع، إذ كانت القضية هي قضية مبدأ، كما قالت (فضيلة). ولا يجوز أن

<<  <  ج: ص:  >  >>