للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستكون هنا بعد بضعة أيام، لا أكثر، فهل ستكون قادرة على احتمال هذه الصدمة الجديدة؟ لقد كانت (فضيلة) ذات (إرادة صلبة) تدفعها للسير نحو مثلها الأعلى، غير أن صحتها لم تكن جيدة، وهذا ما كان يخيفنا.

عندما وصلت (فضيلة) عانقناها عناقا حارا حمل كل الشوق بعد طول غياب. وكنا ونحن نعانقها نخاف على قوامها الرقيق من أن يتحطم. غير أنها كانت تمتلك من الروح المعنوية العالية والفضائل الأخلاقية ما يمكنها من التعويض عن ضعفها الجسدي، ويرفعها صعدا نحو أهدافها، وإذا كانت لا تزال فتاة شابة صغيرة العمر، غير أن ذلك لم يمنعها من استيعاب مشكلات بلادها، بكل اتساع تلك المشكلات وعمقها. وكان ينتظرها - علاوة على كل معاناتها - ألم مرير لعله أكثر قسوة من كل آلامها ومعاناتها، إنه اختفاء اختها الحبيبة في ظروف تشكل مأساة قائمة بحد ذاتها. وكانت (مريم) هي الوحيدة التي تفهم (فضيلة) بعمق، وتحبها بشغف، وتشجعها على المضي قدما في طريق الجهاد، وذلك ضد رغبات كل من يحيط بهما من الأهل والأقارب وحتى الأصدقاء. وكان تأثير (مريم) على أختها (فضيلة) كبيرا، فأخذت عنها الشجاعة والثقة بالنفس، وغذت فيها الإيمان، وتعلمت منها حب العمل على طريق الخير والعدل. وها هي تسير على طريقها حتى نهايته. وهو الطريق الذي سبقهما إليه عمهما (الدكتور سعدان). ثم ها هي (فضيلة) تعلم بصورة مباغتة باستشهاد أختها (مريم) والظروف التي أحاطت بمصرعها وهي تحاول خدمة قضية بلادها. وقالت (فضيلة): (هذا شيء لا يحتمل! من أي نوع هؤلاء البرابرة الذين يطلقون نيرانهم على الأبرياء؟ وكيف السبيل للتعبير عن مشاعر الاحتقار

<<  <  ج: ص:  >  >>