الحلوتين. ولون بشرتك الصافي، وعينيك البراقتين، وشعرك الأسود الحريري الذي يحيط بوجهك الملائكي. ويعترف كل من عرفك بأنك مثال للفتاة الجميلة والرقيقة والفاتنة. إنك تمتلكين كل شيء؛ الأنوثة والرقة، البساطة والشجاعة، الحزم والعقل والذكاء والخيال الخصب، فماذا ينقصك؟ إن ما ينقصك هو (العدالة والحرية). إنك لا تريدين العودة مرة ثانية إلى الوحل. ولهذا اخترت طريق الثورة، فمضيت لإيقاظ النيام من سباتهم، وأشعلت فيهم لهيب الثورة. لقد خضت صراعا مريرا، ونذرت نفسك لخدمة بلادك.
ذهبت والدتي (ليلى) إلى (الرصيف) في الموعد المتفق عليه. وكان تفكيرها مركزا على ما ستتسلمه من (فضيلة). إنها ستأخذ منها رزمة من البريد لتنقلها بدورها إلى (السيد العربي).
قرأت (ليلى) وهي تقترب من مكان اللقاء، إمارات الحزن على وجوه المارة. كان المكان مكتظا بالناس. وقد احتشد الدهماء بأعداد كبيرة في المكان المحدد للالتقاء. وكان الناس يتحدثود بأصوات مرتفعة، ويلوحون بأيديهم بإشارات غامضة، وكأنهم يعلنون احتجاجهم ضد عمل من الأعمال. وانتاب (ليلى) شعور من القلق، وتجنبت الاقتراب من الجموع المهتاجة. وكان من المحال عليها - في كل الأحوال - شق طريقها من أجل الوصول إلى حيث تريد. وصادفت رجلا منفردا، وحاولت أن تعرف منه جلية الأمر؛ وسألته:(ماذا حدث؟). وأجابها هذا: قتلوا اثنين من الفدائيين - رجلا وامرأة -. وأسروا رجلا ثالثا. وفي ذروة الانفعال عاودت (ليلى) السؤال: ومن يكونون؟. وأجاب الرجل: لا أحد يعرف أبدا؟ فالحي مطوق بكامله ولا أحد يستطيع أن يرى شيئا ..