وشعرت (ليلى) فجأة بضيق يعتصر صدرها، وفكرت على الفور (بفضيلة). إذ كان عليها مقابلتها في هذا المكان ذاته. وتلاحقت أنفاس (ليلى) حتى لتكاد تختنق. وعادت بخطى متسارعة حتى تصل إلى منزلها، وعندما دخلته كانت بادية الاضطراب بحيث لم تتمكن من إخفاء انفعالها. وأخذت فور وصولها بإتلاف الوثائق والرسائل التي كانت بحوزتها. ماذا حدث؟ وماذا يمكن أن يحدث؟ ..
وهيمن على منزلها مناخ من الهياج والانفعال. وبات القلق شعورا قاتلا لا يمكن احتماله. وأظلمت السماء، معلنة اقتراب هبوب العاصفة.
ماذا حدث؟ لم يكن هناك من يجرؤ على التعبير عما كان يجيش في خاطره. كانت الحقيقة تخيفنا جميعا. وتعاظم قلقي حتى أنني قضمت أظافري دون أن أشعر بذلك. وعلى هذا أمضينا ليلتنا، ومضى الظلام ولم يغمض لأحدنا جفن، كانت ليلة لا تنسى. وما أن طلع النهار، حتى أسرعت إلى بائع الصحف الذي كان دكانه يقع في أسفل المبنى حيث يقع منزلنا. واشتريت صحيفة (ديبيش - دو - قسنطينة) وأمسكتها بضيق، وبيد مرتجفة فيما كان جدي كله يرتجف ويهتز بعنف، وفتحت صفحات الجريدة، فصدمتني على الفور ثلاثة صور تغطي الصفحة الأولى: إنها صور (فضيلة) و (عمر كيخيا) و (رواج). وصرخت بصوت مختنق: فضيلة ماتت؟ كيف، وهل هذا ممكن؟ وشعرت بقواي تنهار حتى لتكاد قدماي تخوناني وأنا أهرب مسرعة. وأطلقت صرخة وأنا أجهش بالبكاء، ولم أعد أرى الطريق بعد أن أسدلت الدموع ستارا على عيني، وشعرت بألم حاد في أحشائي، لقد أخد الجنين في التحرك بعنف،