للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقامت القوات الإفرنسية بتطويق المنزل وإحكام الحصار حوله، فلم يكن من الصعب تمزيق جسد (فضيلة) بالرصاص، فهوت الى الأرض وقد فارقت الحياة.

كانت (فضيلة) تعرف أن استسلامها لأعدائها يعني البوح بأسرارها. إنها تعني الخيانة، وليس باستطاعة فضيلة أن تخون أحدا أو تغدر بأحد.

سقطت (فضيلة) ميتة، وغير بعيد عنها كانت ترقد جثة (رواج) وسط بركة من الدماء. أما (عمر كيخيا) فقد حاول الهرب حاملا معه جراحه، غير أنه لم يذهب بعيدا، فقد ألقي القبض عليه، ولم يتأخر عن اللحاق بأخويه المجاهد والمجاهدة.

يا للمسكين (عمر)، لقد كان يفكر وهو يهرب - يقينا - بأمر زوجته الشابة التي ستصبح أرملة وهي في نضرة العمر، وكذلك بابنه الصبي الصغير الذي سيتركه لقدره ولعل شجاعته قد خانته في هذه اللحظة بالذات وهو يحاول الفرار. وعلى كل حال، فإن (عمر) لم يقتل لسبب تافه، وإنما استشهد مجاهدا بطلا، ما عرف عنه إلا أنه شاب شجاع حتى حدود التهور. ولقد مضى على الطريق الذي سبقته إليه بثوان قليلة (المجاهدة فضيلة) ومن قبلها شقيقتها (مريم). وهو ذات الطريق الذي مضت عليه قافلة (شهداء الثورة).

قدمت والدتي (ليلى) العزاء بكلمات قليلة إلى الأم البائسة بمصابها الجديد، ثم ودعتها وعادت إلى المنزل. وقد كان مصاب أم (فضيلة) بابنتيها أكبر من كل عزاء. وإن أكبر محنة تتعرض لها امرأة هي فقد أحد أبنائها.، فكيف بها وقد فقدت (مريم) من قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>