متغصنة، وقامات منحنية: شباب، صاخب انتهى إلى الكهولة في أسابيع قليلة، إنهم يسيرون متعجلين وضربات البنادق تطاردهم. وشتائم الجلادين وصرخاتهم تنهال على هؤلاء البؤساء من كل مكان.
مضت عشرة أيام علينا ونحن في معتقلنا هذا عندما دخل علينا الرقيب وقال لنا:
(انهضوا - هيا - وأعدوا أنفسكم).
ودفعنا إلى الخروج، في حالة من الهياج، وقد كسى الشحوب والاصفرار وجوهنا. وكذلك كان شأن الرجال الذين وقفوا في مواجهتنا، ولم تمض سوى لحظة حتى ضاقت الساحة على رحبها بالمعتقلين. وجلس رجل قصير من ذوي القبعات الحمراء - المظليين - (اسمه النقيب - الكابتن - بوتوت) وراء طاولة وضعت له في الهواء الطلق، وقد تربع على مقعده في انتظارنا وخيم على الساحة صمت ثقيل، ثم نهض من مقعده، وصاح بنبرة ثابتة، وبصوت واضح:(هل أخرجتم المرضى؟! إنني بحاجة إلى المرضى أيضا.!) وقام المعتقلون بنقل بعض الأجساد إلى الأمام من أبواب المهاجع. مما استغرق بعضا من الوقت. وهمس البعض متسائلا بقلق:(ماذا سيفعلون بنا؟) وتقدم النقيب إلى المعتقلين قائلا: (سوف أناديكم بأسمائكم، فمن سمع اسمه يجيب: حاضر، وينتقل إلى الطرف المقابل من الساحة). وبدأ قراءة الأسماء، في حين كنا نحتبس أنفاسنا. وأخذت إحدانا بعد المعتقلين حتى زاد العدد على الثلاثمائة. وكان النقيب يقرأ اسم أحد المعتقلين، فلا يجيبه أحد في بعض الأحيان، وعندها يتدخل الرقيب ليقول:(إنه في سرية أخرى) أو يهمس بكلمات لا نستطيع