وكان من الطبيعي أن تتعاظم النقمة في نفوس المسلمين الذين لجؤوا إلى جنوب الأندلس، سواء منهم من حافظ على دينه، أو من
أعلن تنصره ظاهريا بسبب عجزه عن احتمال الضغوط. وأن يؤدي ذلك إلى استعداد هؤلاء للثورة على الحكم الإسباني. واتصل هؤلاء بوالي الجرائر (قلج علي - أو علج علي) يطلبون إليه دعمهم وإمدادهم. وأعلموه أنهم قرروا إعلان الثورة في الفاتح من تشرين الثاني - نوفمبر - المصادف لعيد (جميع القديسين)(١٥٦٨م) ولم يكن باستطاعة (قلج علي) تجاهل صرخة استغاثة المسلمين الأندلسيين. فحشد في الجزائر جيشا يضم (١٤) ألف مقاتل من المشاة - رماة البنادق - بالإضافة إلى (٦٠) ألفا من أبناء المغرب الإسلامى المجاهدين في سبيل الله ... وأرسل بهم إلى مدينتي (مستغانم ومازغران) استعدادا للإغارة على وهران، ثم الإنزال في الموانىء الأندلسية. وأرسل مع الرجال المذكورين عددا كبيرا من المدافع، مع (١٤٠٠) بعير محملة بالبارود. ويوم الأربعاء، المتفق عليه، أي يوم عيد جميع القديسين، كانت أربعون سفينة من الأسطول الجزائري تقف أمام مرسى (المرية) الأندلسي لدعم الثورة ساعة اندلاعها. غير أن العملية أخفقت يومئذ بسوء تصرف أحد رجال الثورة، مما أدى إلى اكتشاف أمره، فداهمه الإسبان. وضبطوا ما كان يخفيه في منزله من السلاح. واطلعوا عل مخطط الثورة، فلم تقع في اليوم المعين، وضاعت بذلك فرصة المبادأة. ولكن الثورة لم تلبث أن تفجرت بعد ذلك، ويصف (مؤرخ عربي (١) نقلا عن المصادر الأندلسية ما حدث خلال هذه الفترة بالتالي:
لما صار الأمر إلى فيليب الثاني، شدد في إنفاذ الأوامر بحق
(١) حاضر العالم الإسلامي (الأمير شكيب أرسلان) ٢/ ١٥ - ١٦.