الموريسك - المسلمين - وسنة ١٥٦٧، عزز الأمر الصادر بهذا الشأن والمتعلق بتغيير الزي واللغة باستيثاق غريب لأجل منع النظافة - الطهارة - التي هي من سنن الإسلام - حيث كان من عادة الشعوب اللاتينية التقزز من الطهارة والاستحمام وكانوا ينفرون من المسلم بقولهم (الذي يدخل الحمام) وكان الإسبانيون يهدمون الحمامات بالحماسة التي يهدمون بها المساجد - وانطلق جند فيليب لهدم الحمامات. وكانت الأساليب التي اتبعت للقضاء على تلك الأمة البائسة، أكبر من أن يحتملها أي إنسان، فكيف الأمر بالنسبة لأحفاد المنصور وعبد الرحمن وأبناء سراج، ولذلك لم يطل الأمر حتى استطار الشر واشتعلت الفتنة وثار (فرج بن فرج من نسل بني سراج) ومعه جماعة من ذوي الحمية من غرناطة، وقصدوا الجبال قبل أن تتمكن الحامية - الإسبانية - من مطاردتهم، ونودي (بهرناندو - دوفلرر) من نسل خلفاء قرطبة ملكا على الأندلس تحت اسم (محمد بن أمية) وعمت الثورة في أسبوع واحد جميع جبال البشرات. ووقع ذلك في سنة - ١٥٦٨م -.ولما كانت هذه الجبال من أصعب تضاريس الأرض مرتقى، وأوعرها مسلكا، كان تدويخ سكانها من أصعب الأمور منالا وكانت الفتنة فيها بعيدة المدى، فاستمرت هذه المرة حولين كاملين، حافلا تاريخها بحوادث لا تحصى من القتل والغدر والتعذيب والاستباحة والاحتيال، وذلك من الجانبين لا من جانب واحد، لكنه حافل أيضا بوقائع يندر في تاريخ الفروسة وكتب الحماسة الظفر بمثلها، وتبقى على صفحات السير فخرا للقرون والأمم.
وكان المغاربة هناك في موطنهم الأخير، والموقف الذي يحاولون فيه إدراك الثأر عن نحو من مائة سنة قضوها في البلاء العظيم، والهون الذي ليس له نظير، فهبوا جميعا منادين بأخذ الثأر، واقتضاء الأوتار،