للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرية بعد قرية، وهدموا الكنائس، وأهانوا ما فيها، وفتكوا بالقسس، وعذبوا النصارى الذين وقعوا في أيديهم، واعتصم الذين نجوا بالمعاقل والأبراج. ودافعوا دفاعا شديدا. وكان المركيز (مونتيجارة) قائدا في غرناطة فعمد إلى المسالمة، وأخذ بالملاينة، وكادت الوقدة تنطفىء لولا ما أعاد الشرر من ذبح مائة وعشرة سجناء من المغاربة في حبس البيازين - ضاحية غرناطة - قيل إن ذبحهم وقع بغير علم المركيز، لكن الموريسك - المسلمين - لم يقبلوا العذر، ونشروا لواء الثورة. وصار (ابن أمية) أميرا بالفعل على جميع جهات (البشرات) إلا أنه لم يكن ممن يحسن السياسة، فقام بعض أعوانه وقتلوه، وبويع لرجل آخر موصوف بالنجدة والحماسة (اسمه عبد الله بن أبوه). فأرسلت دولة إسبانية الدون (جون الاوستري) أخا الملك - وهو شاب في الثانية والعشرين من العمر - بمهمة القضاء على الثوار. فباشر القتال في شتاء سنة ١٥٦٩ إلى سنة ١٥٧٠وأتى من الفظائع ما بخلت بأنداده كتب الوقاقع، فذبح النساء والأطفال أمام عينيه، وأحرق المساكن، ودمر البلاد، وكان شعاره (لا هوادة). وانتهى الأمر بإذعان الموريسك. لكنه لم يطل، واستأنف (مولاي عبد الله بن أبوه) الكرة، فاحتال الإسبان حتى قتلوه غيلة، وبقي رأسه منصوبا فوق أحد أبواب غرناطة ثلاثين سنة.

وأفحش الإسانيون في قمع الثورة، بما أقدموا عليه من الذبح والحريق والخنق بالدخان، حتى أهلكوا من بقية العرب خلقا كثيرا، وخنع الذين نجوا من الموت، لكنهم وقعوا في الرق، وسيقوا مماليك وعبدانا، ونفي منهم جملة، فأخذ عددهم يتناقص، ولما كان اليوم المشهود والمذكور في التواريخ، وهو عيد جميع القديسين سنة (١٥٧٠م) بلغ عدد من ذهب منهم عشرون ألفا، والذين أخذوا منهم في معمعة

<<  <  ج: ص:  >  >>