للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الفدائيين. وقتل ب. س بينما تمكنت الفتاة من الفرار، حاملة معها جرحها). ولم يبق في منزلهم غير الأم مع طفلها الصغير. وهكذا كان المعسكر يفصل بين أفراد العائلة الواحدة، ويجمعهم في بعض الأحيان. وقد تصادف في مهجعنا وجود ثلاثة أزواج من

الأخوات وكانت منهما أختان سجن أبوهما وأخوهما الصغير الذي لا يتجاوز العشر سنين من عمره، في المهجع المجاور. فكانت الأختان ترسلان سرا إليهما بالخبز، وتغسلان لهما ثيابهما.

عادت الفتاة (هـ) في يوم باكية وذلك بعد وصولها إلى هنا بثلاثة أسابيع، وكان سبب بكائها، اكتشافها وجود أخيها الوحيد في المعتقل. إنها لم تتمكن من التعرف عليه في وسط ذلك الرتل الطويل من المحتجزين البؤساء: حتى التقى الاثنان مصادفة في المستوصف، واعترف لها عندئذ بأنه كان يبتعد عن بصرها حتى لا يقلقها

...

أصبح من عادتنا مراقبة كل ما يحدث في المعسكر من أمور رتيبة عادية. وكان من أبرز ما في الحياة اليومية ذلك الاستعراض الذي يقوم به المعتقلون وهم يتجهون إلى المراحيض - دورات المياه - القذرة وغير الصحية. وقد بلغ عدد المعتقلين في تلك الفترة، ثمانمائة معتقل في حين لم يكن هناك أكثر من ثمانية مراحيض، فكان الخروج إلى المراحيض يبدأ في الساعة السادسة صباحا، ولا ينتهي قبل الساعة التاسعة مساء، وأحيانا إلى ما بعد ذلك، بالرغم من حلول الظلام الدامس. وكان يتم في وقت مبكر من كل يوم اختيار خمسين رجلا للقيام بأعمال السخرة، ولدى عودتهم في المساء، تقوم قوات المعتقل بإجراء تفتيش مباغت لأحد المهاجع الذي يتم

<<  <  ج: ص:  >  >>