للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختياره بصورة عشوائية. وكانت فترة الصباح تمضي عادة في المراجعة الطبية للمستوصف. ومع كل صباح كان يصل فوج جديد من المعتقلين، عادة ما يضم ثلاثين أو أربعين معتقلا، فتعاظم بذلك عدد المعتقلين، لا سيما وأنه لم يكن يتم إطلاق سراح أحد من المعتقلين. ولكن حدث، وبصورة مباغتة، أن تم إطلاق سراح مجموعتين كبيرتين مما أثار الأمل في النفوس. غير أن هذا الأمل ما

لبث أن خاب بسبب الاستمرار في ممارسة ذلك العمل الذي لم نتمكن من التعود عليه بالرغم من تكرر وقوعه يوميا، حيث يصل بعض المظليين من سرية الدعم ومعهم اللائحة (البيضاء المشؤومة) في أي وقت غير متوقع من أوقات الليل أو النهار، فيصعدون مثنى أو ثلاث إلى مكتب الرقيب، ويتسلمون منه الأفراد الذين وردت أسماؤهم في اللائحة، بعد أن يكون قد تم إحضارهم من مهجع أو من عدد من المهاجع، ثم يصلنا صوت سيارة (الجيب) وهي تمضي محملة بإخواننا المعتقلين البؤساء، ليتعرضوا لجولة جديدة من التعذيب والألم. بسبب ظهور شواهد جديدة ضدهم، أو بسبب ظهور تناقض في اعترافاتهم وأقوالهم.

خلاصة القول، لم يكن هذا المعسكر الذي احتجزنا فيه من المعسكرات العادية، وكان كل يوم يمر علينا يؤكد لنا هذه الحقيقة. فقد عشنا في معسكر لم تعلن عنه السلطات الإفرنسية بأنه معسكر شرعي، نظامي، فأطلقت عليه بخبث ولؤم اسم (معسكر الترفيه، أو المخيم الثالث) ولكنه كان معسكر ترفيه من نوع (خاص). يقيم فيه المعتقلون دائما في انتظار وصول معتقلين جدد يتم إرسالهم من مراكز التعذيب والتشويه. وخلال هذه الإقامة، كان لزاما على جراحنا الدامية أن تندمل وتجف، وكان لزاما على آثار التعذيب

<<  <  ج: ص:  >  >>