للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحمقى، وقصار الرجال ذوي النفوس الحاقدة المعقدة. وذات يوم اشتبك اثنان منهم في عراك، خلال فترة بعد الظهر، وأشهر كلا منهما سكينه وهاجم بها الآخر، في وسط الساحة، وأسرعنا الى النوافذ، نتابع بفرحة نابعة من القلب معركة اثنين من جلادينا. وكل منهما يذبح الآخر ويقتله.

علمت، في جملة ما علمته، من خلال تلك الثرثرة، بعضا من التفاصيل بشأن المعسكر، ومنها أن معسكرنا هذا هو في جملة المعسكرات التي تتكتم السلطات الإفرنسية عنها، وتنكر وجودها. وأن الصرخات التي سمعناها في الأيام الأولى لاعتقالنا، كانت صادرة عن مريض بتر المظليون عضوه، وأن هناك معسكرات (سوداء) كثيرة حول العاصمة (الجزائر) وفي (البيار) و (سيدي فريج) و (لارودوت) الخ ...

...

بلغ عدد المعتقلين الذين سجلت أسماؤهم على اللوحة السوداء في مكتب الرقيب (٨٦٤) معتقلا. وانتشر الزحار الحاد (الدوسنطاريا) بين الرجال، كما أصيب بها بعض النساء أيضا. غير أننا لم نستسلم لحالتنا، واستطعنا تأمين الوسيلة للحصول على الأخبار: فكانت الصحف تنتقل من مهجع إلى مهجع، بالرغم من التفتيش الدقيق. وأمكن للرجال أيضا المحافظة على شجاعتهم، والسخرية من حراسهم وجلاديهم. ومثال ذلك، ما حدث يوم اقتاد أحد المظليين مجموعة من المعتقلين نحو مهاجعهم، ثم طلب إلى

أحدهم أن يرقص أمامه رقصا شرقيا، وخرج الشاب من الصف بعد لحظة من التردد، ثم شرع في الرقص، بينما أخذ رفاقه يصفقون له ويرددون بصوت واحد: (إلعن ولد القوم، إلعن ولد القوم، أي لعن

<<  <  ج: ص:  >  >>